أبو الزهراء المدير العام
عدد الرسائل : 560 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 29/01/2007
| موضوع: الشوري في الاسلام الخميس مايو 19, 2011 9:16 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الشورى في الإسلام يوم : 13/5/2011 الحمد لله رب العالمين جعل المسلمين خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله. أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأسأله النجاة وحسن الختام وآمله الوفاة علي الإسلام . وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له اختار لهذه الأمة أقوم المناهج وهداهم إلي صراط مستقيم ليسعدوا في الدنيا بالسير عليه ويسعدوا في الآخرة بجنة الرضوان . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شرفه وفضله وزينه وجمله واصطفاه واجتباه ووفقه وهداه فكان أكثر الناس مشورة لأصحابه . اللهم صل وسلم وبارك علي رسول الله محمد خير عبادك وعلي آله وصحبه وكل مسلم آمن بآيات ربه ففاز بقربه وتمتع بحبه وسار علي دربه ونهجه إلي يوم الدين. أما بعد فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحذركم ونفسي من عصيان الله ثم أستفتح بالذي هو خير . يقول الله تبارك وتعالي وهو أصدق القائلين يصف عباده المؤمنين الموحدين . بسم الله الرحمن الرحيم " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ". عباد الله أيها المسلمون :ـ ـ الشورى في اللغة مأخوذة من شاور يشاور مشاورة فهي مأخوذة من شار الدابة إذا امتحن جريها إذا أراد بيعها . أومن شار العسل إذا جناه من الوقبة(مكان جني العسل) وترد بمعني أومأ برأسه . فالشورى والمشاورة والمشورة تعني: استطلاع الآراء المختلفة عند أهل الخبرة والرأي في أمر من الأمور واختبارها وصولا للحق أو إلي اقرب الطرق إلي الحق. ومن التعريف يتضح لنا أن الشورى تكون بتصفح الآراء في أمر من الأمور المباحة التي يستوي فيها طرفا الحكم فلا تكون في الواجبة أو المندوبة أو الحرام أو المكروهة .. وأما الحقائق الثابتة من أمور الدنيا والدين والتي لا مجال للاختلاف فيها فليست مجالا للشورى واسمع لربك " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ". ـ والشورى أمر جبلي قديم موجود منذ أصل التكوين واسمع لربك "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون ". قال بن عاشور في تفسيره لهذه الآية الله غني عن إعانة المخلوقات في الرأي ولكنه عرض على الملائكة مراده ليكون التشاور سنة في البشر لأن ذلك مقترن بتكوينه فإن مقارنة الشيء للشيء في أصل التكوين الألفة والتعارف. ـ وقد تحدث القرآن عن الشورى في الأديان القديمة : ففي قصة يوسف تشاور أخوة يوسف في أمر قتله "اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِين قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ". ولما رأي الملك رؤياه (البقرات والسنابل )استشار بلاطه فقال "يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ". وفي قصة موسي لما ألقي عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين طلب المشورة من البلاط فقال" إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون ؟ قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل ساحر عليم ". وفي قصة بلقيس ملكة سبأ لما أرسل نبي الله سليمان لها كتابا يدعوها إلي الإسلام قالت " قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ألا َّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . ثم طلبت منهم المشورة فقَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ ". ولما جاء الإسلام كان العرب يطبقون الشورى قبل الإسلام فلما جاء الإسلام أقرهم علي ذلك ومدحهم فقال " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ"بل جعل الإسلام سورة مكية للشورى باسمها ليؤكد للناس منذ فجر الإسلام علي أهمية الشورى وأنها أصل تقوم الدولة عليه وأساس لا يمكن الاستغناء عنه . والمدقق يري مجي الوصف بالشورى بين إقام الصلاة وبين الزكاة ليعلم أن الشورى تأتي في المرتبة الثانية بعد الصلاة . وفي آية أخري يقول الله " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" فقد استشار رسول الله الصحابة يوم أحد هل يبقي بالمدينة ويحارب منها أم يخرج ويحارب خارج المدينة فقال كبار الصحابة نبقي ونحارب من المدينة من الأزقة ومن فوق الأسطح وكان الرسول مع هذا الرأي إلا أن الشباب ومن فاته الخروج في بدر قالوا لا . حتى لا يقولوا عنا جبناء وكان الأفضل أن لا يخرجوا لذلك هزم المسلمون في أحد رغم المشورة . لذا نزل قول الله علي قلب رسول الله يقول له اعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فأكد علي الشورى رغم الهزيمة وفي ذلك يقول الإمام بن الجوزي: حتى يستن به المسلمون من بعده ولتطييب قلوبهم ولإعلامهم ببركة المشاورة . ـ وقد عمل الرسول بمبدأ الشورى فقد استشار وزرائه وبطانته فقد روي الإمام الترمذي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض فأما وزيراي من أهل السماء فجبريل وميكائيل وأما وزيراي من أهل الأرض فأبو بكر وعمر" . وقد روي البخاري عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما بعث الله من نبي ولا استخلف خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله ". وقد استشار خديجة حتى توفت . وقد استشار أبا بكر في أمر الهجرة . وقد تشاور مع الصحابة في غزوة بدر فاستشارهم في الخروج لعير قريش . واستشارهم في موقع المسلمين فقالوا أمنزل أنزلك الله إياه أم هو الحرب والمكيدة فقال بل هو الحرب والمكيدة فقالوا إذا هذا ليس بمنزل وأخذ الرسول بمشورة الحباب بن المنذر . وكذلك في أسري بدر فكان الصحابة فريقين قال أبو بكر نفك رقابهم ونفديهم بالمال وقال عمر نقطع رقابهم فأخذ الرسول برأي أبي بكر ونزل القرآن يعاتب النبي ويشيد برأي عمر " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ". كما استشارهم في غزوة أحد وكذلك استشارهم في غزوة الخندق وأشار عليه سلمان في حفر الخندق . ولما حاصر بني قريظة الذين خانوا عهد رسول الله استشار سعد بن معاذ وقد رضي اليهود بحكمه فحكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية فقال له النبي حكمت فيهم حكم الله من فوق سبع سموات يا سعد . فلما انتقل إلي جوار ربه اجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة واستشاروا في اختيار خليفة رسول الله واتفقوا علي اختيار أبي بكر في صورة من الشورى الرائعة التي سجلها التاريخ بأحرف من ذهب. وقد استشار أبو بكر في قتال مانعي الزكاة وحرب المرتدين . واستشار عمر في جمع القرآن وكان لأمير المؤمنين عمر مجلس للشورى اختار ستة من الصحابة وهم عثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن نفيل وأبو عبيدة بن الجراح ليكون منهم خليفة من بعده وليكون لهم المشورة في كل أمر من الأمور وصدق حافظ إبراهيم يخاطب عمر : يا رافعا راية الشورى و حارسها **** جزاك ربك خيرا عن محبيها رأي الجماعة لا تشقى البلاد به **** رغم الخلاف و رأي الفرد يشقيها وقد استشار عثمان في الفتوحات وتعيين الولاة . وكذلك استشار علي في مواجهة الفتن وغيرها من المواقف . ـ وظلت الشورى لامعة أصلا وأساسا لكنها غابت في عهد الظلم والطغيان فهل تعود إلينا من جديد نحن ننادي بعودة الشورى لما لها من فوائد عظيمة : (1) فهي عبادة يرجو بها العبد ثواب الله لاسيما إذا توافر فيها الإخلاص والمتابعة لأنها إقتداء برسول الله وتنفيذ لأمر الله . (2) كما أنها تهدي الحيران للحل الامثل قال الحسن "ما شاور قوم قط إلا هدوا للارشد".(3) وبها يتم القضاء علي الفردية والارتجال وبها تنسيق الجهود وتجميعها عملا بقول الله " وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ".(4) وبها اكتشاف المواهب والطاقات روي البيهقي أن عمر رضي الله عنه كان إذا نـزل الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يقتفي حدة عقولهم وكان يقول لابن عباس غص غواص .(5) والمستشير كاسب في الحالين فهو إن أصاب فله أجران وإن لم يصب فقد أخذ اجر المشورة ولذلك قيل "من شاور الرجال فقد شاركهم في عقولهم" . ـ ويعرقل الشورى أمور : (1) الكبر و الإعجاب بالنفس فمن يعجب بنفسه لا يستشير كما فعل فرعون قال "ما أريكم إلا ما أري وما أهديكم إلا سبيل الرشاد " وروي مسلم عن بن مسعود عن رسول الله " الكبر غمط الناس وبطر الحق " وروي مسلم أيضا" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ". (2) وحب السيطرة والتفرد ، (3) الشعور بان الشورى ضعف ، (4) ضعف الثقة بالنفس وبالآخرين وصد ق من قال" لا تحقر الرأي يأتيك الحقيربه إن النحل وهو ذباب طائر العسل وكذلك الهدهد وهو طائر ضعيف لا قيمة له يقول لنبي الله سليمان الذي سخر الله له الجنود من الجن والإنس والطير فهم يوزعون يقول له" أحطت بما لم تحط به "ولا ينكر عليه سليمان ويأخذ بمشورته ،(5) والجهل بفوائد الشورى ، (6) اللامبالاة والاستخفاف ، (7) التسويف وتأخير الأمر ، ( العجلة ، (9) الهوى قال تعالي " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله ". وقال عليه السلام "إذا رأيت شحا مطاع وهوي متبع وإعجاب المرء بنفسه فعليك بخاصة نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت ". الثانية :ـ ـ وللشورى أركان ثلاثة : مستشار ومستشير والأمر المشاور فيه . *أما المستشير فيجب (1) أن يكون صادقا في بحثه عن الحق فيعمل به حينما يجده بصرف النظر عند من وجده . (2) وأن لا يكون قد بدا في الأمر فلو بدأ ما فائدة المشورة فالله قال " وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله " فالبدء يكون بعد المشورة ،(3) أن لا يختار ناس يشيرون عليه بما يريد بل يستشير أهل العلم والخبرة بالرأي الموثوق بهم ،(4) أن يطلع المستشار علي جميع ملابسات الموضوع . (5) فإذا انتهي من المشورة لا يتردد بل يتوكل علي الله ولا يفشي سر من استشاره إلا إذا أذن له بذلك . *ويشترط في المستشار : (1)التقوى والورع ، (2) العلم قال تعالي "فاسألوا أهل الذكر "، (3) التجربة " قال البخاري لا حكيم إلا بتجربة "، (4) الأمانة والكتمان روي ابوداوود عن أم سلمة " المستشار مؤتمن" وروي بن الجوزي وصححه الألباني "استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود ". ويجب علي المستشار أن يكون صادقا في رأيه وأن يتاني ولا يتسرع . ـ استشارة المرأة :ـ تجوز في حدود اختصاصها فقد استشار الرسول خديجة وذهبت به إلي بن عمها ورقة بن نوفل واستشار عمر حفصة في المدة التي تغيب المرأة عن زوجها . ـ استشارة الكافر :لا تجوز استشارة الكافر إلا في الضرورة القصوي وبضوابط : أن تكون هناك حاجة ماسة إليه بحيث لا يتيسر من المسلمين من يقوم مقامه. أن يؤمن ضرره على المسلمين. أن يكون ذلك في مسائل الدنيا لا الدين ـ هل يعني الشورى الأخذ برأي الأكثرية : لا عبرة بالأكثرية ولا الأقلية إنما العبرة بأصالة الرأي لذلك كان الرسول يأخذ برأي أبي بكر وعمر لأصالتهما وقوتهما وصدق من قال : أصالـة الـرأي صـانتني عن الخطل وحليـة الفضل زانتـني لدى العطل ـ صلاة الاستخارة :روي البخاري عن جابر تركع ركعتين من غير الفريضة وبعد الصلاة تصلي علي النبي ثم تدعوا بدعاء الاستخارة . ـ الايجابية في الانتخابات .
| |
|