مفاهيم قرانية ..........المسئولية والجزاء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ...............وبعد
فالمسئولية والجزاء ..قيمتان اجتماعيتان وضعهما القران الكريم كى نمارس حياتنا على أساس منهما
المسئولية التى تعنى تحمل الإنسان تبعة أقواله وأفعاله حين يقول قولا أو يعمل عملا . والجزاء الذى
يعنى القضاء والمكافأة .القضاء بالعدل فيما يخص الأقوال والأعمال . والمكافأة التى يجزى بها الإنسان
عن كل قول قاله أو كل عمل قام به
وموقف القران الكريم من المسئولية يمكن تلخيصه فى القاعدتين التاليتين :-
القاعدة الأولى :- أنه لا مسئولية بدون حرية
القاعدة الثانية :- أنه لا حرية بدون مسئولية
وتأسيسا على القاعدة الأولى مضى القران الكريم على أن المضطر يعفى من المسئولية
والايات القرانية التى تقرر الحكم الشرعى بالنسبة للمضطر هى
يقول الحق سبحانه وتعالى :- إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر
غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه ( البقرة 173 ) ويقول عز من قائل :- فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف
لإثم فإن الله غفور رحيم (المائدة 3 ) ويقول رب العزة سبحانه وتعالى :-وما لكم ألاتأكلوا مما ذكر اسم الله
عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه (الانعام 119) وهذه الايات وأمثالها هى التى استند
إليها علماء أصول الفقه عند وضع قاعدتهم الأصولية المشهورة ( الضرورات تبيح المحظورات )
أما القاعدة الثانية .. وهى أنه لا حرية بدون مسئولية فقد كانت الأساس فى اشتراط الأهلية المتمثلة فى العقل
وبلوغ سن الرشد لتحمل المسئولية . إنه بمقدار أهلية الإنسان لتحمل المسئولية تكون حريته ... ففاقدوا الأهلية
من المجانين تصادر حرياتهم ؛ وناقصوا الأهلية من السفهاء والمبذرين يحجر عليهم ؛ ومن لم يبلغوا سن الرشد
من القاصرين يولى عليهم ويقوم الأوصياء بتصريف شئونهم إلى أن يبلغوا سن الرشد ويصبحوا أهلا لتحمل
المسئولية ::: وليس يصح أن يخلو من المسئولية واحد ممن بلغوا سن الرشد وكانوا من العاقلين
والايات القرانية الدالة على تحمل المسئولية هى
فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ( الحجر92 ؛93)
ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل اؤلئك كان عنه مسئولا (الإسراء 36)
وقفوهم إتهم مسئولون (الصافات 24) لا يسأل عما يفعل وهم يسألون (الأنبياء 33)
إذن لا أحد من العاقلين البالغين الراشدين المكتملى الاهلية يخلو من تحمل المسئولية
لكن هذه المسئولية لا تتحمل إلا بشروطها ؛وهو أن تكون هناك النصوص التى تحدد تبعات الأقوال والأعمال
وأن تكون معروفة للإنسان . والقران الكريم هو الذى يضع لنا هذه القاعدة حين يتلو علينا قول الله تعالى
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا (الإسراء 15) والرسل الذين يحملون إلى الناس التشريعات التى تحدد التبعات
يكونون هم أيضا مسئولين أمام الله عن تنفيذهم لهذه التشريعات وعلى أساس من التشريعات نفسها ؛ يقول الله
تعالى :-موجها القول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (ولئن اتبعت أهواءهم من بعدما جاءك من العلم إنك اذا
من الظالمين --البقرة 145
ويقول الشيخ محمد عبده فى شرحه لهذه الاية تفسير المنار
هذا الخطاب بهذا الوعيد لأعلى الناس مقاما عند الله تعالى هو أشد وعيد لغيره ممن يتبع الهوى ويحاول
استرضاء الناس بمجازاتهم على ما هم عليه من الباطل ... وكأنه يقول ؛ إن هذا ذنب عظيم لا يتسامح فيه مع
أحد حتى لو فرض وقوعه من أكرم الناس على الله
إن القران الكريم لا يعرف الحرية الخلو من المسئولية من حيث أنه كتاب سماوى ينظم الحياة الإنسانية على
أساس من التشريعات السماوية التى لا تفتأ تنادى بتحمل كل إنسان لتبعاته قولا وعملا
إن الكتب السماوية إنما تبين للناس حدود الخير وحدود الشر ثم تتركهم لأنفسهم فمن عمل خيرا فلنفسه ومن
أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد
القران الكريم عندما يتحدث عن المسئولية والجزاء إنما يفعل ذلك فى مواجهة أؤلئك الذين كانوا يرون أنفسهم
فى مستوى خاص بهم وأنهم من أصحاب الامتيازات يقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون ولا مسئولية عليهم
فيما يقولون وفيما يفعلون : وهؤلاء الناس كانوا فى عصر التنزيل فريقين : فريق أهل الكتاب من اليهود والنصارى
وفريق المشركين من أهل مكة وغيرها
كان الفريق الأول يقول ( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم
إن كنتم صادقين - البقرة 111 .....وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم
بشر ممن خلق -المائدة18 ....قل يأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن
كنتم صادقين -الجمعة 6
ولقد أنكر القران الكريم على المسلمين أن يذهبوا مذهب أهل الكتاب ويظنوا أنهم غير مسئولين لانتمائهم للإسلام
وبين لهم أن الانتماء إلى الإسلام لا يكفى وحده فى دخول الجنة بغير حساب ؛ كما بين لهم أن قيمة الانسان ليست فى
الانتماء إلى هذا الدين أو ذاك وإنما هى فى العمل الذى يقوم به الانسان
( ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به - النساء 123
قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا - الاسراء 84
إن الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من امن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم
ولا هم يحزنون - المائدة 69
وكان الفريق الثانى يقول ( من أشد منا قوة - فصلت 15 ...نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين -سبأ35
وكان القران ينكر منهم هذا الموقف ويرد عليهم الرد الذى يبين لهم أن ما هم فيه من ثروة وغنى ومن قوة
ومن كثرة للأموال والأولاد ليس بامتياز لهم وأنهم مسئولون ومتحملون لتبعات أعمالهم
وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى -سبأ37
لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا -العمران 10
فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون - التوبة 55
ويمضى القران الكريم فى التأكيد على المسئولية وتحمل التبعات مهما يكن أمر الإنسان من الثروة والغنى ومن
الانتماء لدين من الأديان السماوية
أم لن ينبأ بما فى صحف موسى وإبراهيم الذى وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
,ان سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى - النجم 46-41
هذا هو منطق القران الكريم من حيث المسئولية والجزاء وهو منطق تحدد معالمه بوضوح الاية الكريمة
يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره - الزلزلة
هذا وسنتابع المادة اللغوية التى تنتمى اليها كلمة المسئولية والجزاء بإذن الله فى حلقة قادمة

بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر لكم هذه المداخلة ..................ولى ملاحظة ؛؛؛ أرجو أن تتقبلوها
تصحيح الشعر ..ليكون وزنه صحيحا
ولو أنا إذا متنا تركنا ....لكان الموت راحة كل حى
ولكنا إذا متنا بعثنا .....ونسأ ل يومها عن كل شيء
وقال اخر :-
ولو أنا إذا متنا تركنا ....لكان الموت راحة كل بال
ولكنا إذا متنا بعثنا .....بعثنا للحساب وللسؤال

بارك الله فيكم أخ رضا . ونفعنا الله بعلمكم .

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم مدير المنتدى...............السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فمقولة أنت حر ؛ هناك من اسندها إلى أهل مكة ؛ ومن أسندها إلى اللدنيين
ولربما حقيقة هذه المقولة قد خرجت من أفواه العلمانيين :::والعلم عند الله سبحانه
أما معناها ؛ فمعنى سطحى : أن حرية الفرد لها انتهاء عند بداية حرية الاخرين
وقد شاعت على ألسنة عامة الناس
أما علاقتها بالمسئولية والجزاء فالمقولة لها مدلول ضيق مقابلة بالمسئولية الدينية
فالإنسان ليس حرا أمام مسئولية ربه عز وجل إذا أرتضى العقيدة ألا وهى عقيدة
التوحيد التى تستمد معناها من قول رسولنا (لا ضرر ولا ضرار ) لله و للنفس والغير
فالإنسان المؤمن عبد لله وسأفرد لذلك مقالا منفصلا أشرح فيه معنى الحرية فى مفهوم
ديننا الحنيف