بسم الله الرحمن الرحيم
حج الرسول قارنا لكنه تمني التمتع
جامع المصطفي :المنصورة : الجمعة في يوم :7/12/2007 مالحمد لله فرض الحج آخر الأركان . وأوجبه علي المستطيع فقال : "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " . أحمد الله وأشكره . أتوب إليه وأستغفره . وأستعين به وأستنصره. وأتوكل في جميع الأمور عليه . وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . شرفه وفضله وزينه وجمله فكان أقرب المقربين إليه . اللهم صل وسلم وبارك علي رسول الله محمد خير عبادك وعلي آله وصحبه وكل مسلم آمن بآيات ربه ففاز بقربه وتمتع بحبه وسار علي دربه إلى يوم الدين أما بعد . فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحذركم ونفسي من عصيان الله ثم أستفتح بالذي هو خير يروي الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " خذوا عني مناسككم " .
عباد الله أيها المسلمون :
يروي الإمام مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه مكث تسع سنوات من غير حج ثم أذن في الناس أن رسول الله حاج هذا العام فخرج بشر كثير كلهم يريد الإقتداء برسول الله صلي الله عليه وسلم حتى خرج ما يقرب من مائة ألف وخرجوا في الخامس والعشرين من ذي القعدة . فأتوا ذا الحليفة فجلسوا فيها يوما فصلوا الظهر العصر والمغرب والعشاء والفجر ثم صلوا الظهر من اليوم الثاني فأحرم النبي صلي الله عليه وسلم بالحج والعمرة معا ومن الصحابة من أحرم بالحج فقط ومنهم من احرم بالعمرة متمتعا إلي الحج . فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي ثم صلي رسول الله في مسجد الميقات . ثم ركب النبي ناقته القصواء حتى استوت به علي البيداء والقرآن ينزل عليه وهو يعرف تأويله . ثم أهل بالتوحيد فقال لبيك اللهم لبيك . لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . و أهل الناس معه فوصلوا مكة يوم الأحد . فأتى البيت فاستلم الحجر فرمل ثلاثا ومشي أربعا ثم قام خلف مقام إبراهيم فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي ـ قرأ كي يشعر أنه إنما فعل ذلك امتثالا لأمر الله ـ وجعل المقام بينه وبين البيت وصلي ركعتين خلف المقام قرأ في الأولي بقل هو الله أحد والثانية بقل يا أيها الكافرون . ثم شرب من زمزم . ثم استلم الركن . وخرج إلى باب الصفا فلما دني من الصفا قال أبدأ بما بدأ الله به ثم قرأ" إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم " . ثم صعد الصفا فقال لا اله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو علي كل شيء قدير . لا اله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا ثم قال الذكر ثانيا ثم دعا ثم قال الذكر ثالثا ثم دعا ثم نزل إلي بطن الوادي فمش مشيا عاديا فلما كان في مجري الشعيب ركض حتى إن إزاره تدور من شدة السعي ثم مشي عاديا حتي صعد المروة فلما صعد فعليه مثلما فعل علي الصفا سبعة أشواط بادئا بالصفا منتهيا بالمروة . . ثم قال : لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل بالقصير وليجعلها عمرة " فيكون حج تمتع " فقال سراقة بن مالك يا رسول الله أهذا لعامنا أم لأبد ؟ فقال بل لأبد دخلت العمرة في الحج مرتين . ثم قدم علي من اليمن ومعه بدن كثير للرسول صلي الله عليه وسلم فوجد فاطمة قد أحلت وجعلتها عمرة فأنكر عليها هذا . فقالت له بما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فذهب للرسول ليستفتيه فقال له صدقت فاطمة . فحل الناس كلهم إلا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومن كان معه هدي . ثم نزلوا في الأبطح باقي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء . فلما كان يوم الخميس يوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية أحرم المتمتعون من أماكنهم وتوجه الكل إلى مني فأهلوا بالحج وركب الرسول القصواء وصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر يقصر الرباعية ثم مكث حتى طلعت الشمس فتوجه إلى عرفة فنزل بنمرة للاستراحة فأمر بقبة ضربت له بنمرة فجلس بها حتى زالت الشمس ثم أمر بالقصواء فتوجه نحو عرفة فنزل في وادي عرنة فخطب في الناس فقال : أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . ألا فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم من تكرهون فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي وإنكم تسألون عني فماذا انتم قائلون ؟ قالوا نشهد إنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وكشفت الغمة . فقال اللهم فاشهد . 3مرات ثم أذن للصلاة ثم أقيم لها وصلي الظهر ركعتين ثم أقيم للعصر ركعتين جمعا وقصرا بأذان واحد و إقامتين . ثم ركب القصواء وجعل بطنها إلى الصخرات شرقي عرفة خلف الصحابة وقال : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف . وهنا وقع صحابي من فوق ناقته فوقصته الناقة فقال رسول الله اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإنه يوم القيامة يبعث ملبيا . ورفع يديه داعيا ولما سقط زمام راحلته أمسكه بيد ورفع الأخرى وظل يدعو الله حتى غربت الشمس . وبعد الغروب أردف الرسول خلفه أسامة بن زيد وتوجهوا نحو مزدلفة وشنق الرسول زمام الناقة حتي إن رأسها ليصيب مورك رحله عليه الصلاة والسلام وهو يقول : أيها الناس السكينة السكينة . وبال الرسول في الطريق فتوضأ وقال أسامة الصلاة يا رسول الله فقال الصلاة أمامك يعني في مزدلفة . فلما وصلوا صلوا المغرب والعشاء جمع تأخير بآذان واحد وإقامتين . ثم نام الجميع فلما أذن الفجر صلوا الفجر ثم توجهوا نحو المشعر الحرام وهو جبل في مزدلفة ليذكروا الله حتي يسفر الجو جدا عملا بقول الله " فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله عند المشعر الحرام " ثم أمر الرسول بن عباس ليحضر له سبع جمرات فأتاه بها فحملها في يده وقال بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين . وركب النبي بعيره وأتي الجمرة ورماها وكبر عند كل حصاة ثم أتي المنحر فنحر 63 بيده وما بقي جعله لعلي بن أبى طالب 37 ثم أمر رسول الله من كل بعير قطعة فقطعت مائة قطعة وجعلت في قدر فطبخت فأكل منها رسول الله وشرب من مرقها امتثالا لأمر الله " فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ". ثم حلق الرسول شعره كله فأعطي نصفه للحلاق وأعطي النصف الباقي للصحابة لكل منهم شعرة او شعرتين وهو بركة منه صلي الله عليه وسلم يروي أن أم سلمة كان عندها جلج فيه شعرات لرسول الله كلما مرض أحد أرسلوا إليها فصبوا عليه الماء ويخض ويشرب منه المريض فيشفي ببركة شعر رسول الله صلي الله عليه وسلم . ثم توجه نحو البيت ليطوف طواف الإفاضة وهو ركن الحج الأعظم . ثم سعي المتمتعون فقط أما القارنون والمفردون فلم يسعوا لأنهم سعوا بعد طواف القدوم وهنا الترتيب في أعمال يوم العيد ليس شرطا فما سئل الرسول عن عمل قدم او أخر في هذا اليوم الا قيل افعل ولا حرج . ثم أتي زمزم فشرب منه صلي الله عليه وسلم . ثم صلي رسول الله الظهر في مكة وقال : يا بني عبد المطلب انزعوا فلولا أن يغلبكم الناس علي سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه . ثم توجه نحو مني وكان يوم السبت فوجد قوما من الصحابة لم يصلوا الظهر فصلي بهم الظهر وبات بمني هذا اليوم وفي اليوم الثاني بعد الزوال قام فرمي الجمرة الصغري بسبع حصيات ثم دعي وقتا كبيرا بمقدار قراءة البقرة ثم تقدم نحو الوسطي فرماها ودعي طويلا ولكن أقل من الأولي ثم رمي الثالثة ولم يقف . وفي اليوم الثاني فعل مثلما فعل في الأول وهنا الناس مخيرون بين التعجل والتأخر واسمع لربك " واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقي " فمن أراد التعجل يرمي بعد الزوال وينصرف من مني قبل غروب الشمس فلو غربت وما زال في مني بات فيها ليرمي اليوم الثالث . لكن الرسول تأخر لأنه الأفضل لقوله تعالي " ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقي " ثم تقدم نحو مكة فنزل بالمحصب فصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء وطاف طواف الوداع بآخر الليل ثم صلي الفجر بالكعبة يقرأ بالطور وكتاب مسطور . وفي هذه الليلة قالت عائشة يا رسول يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع أنا بحج فقط لأنها كانت قد حاضت فلم تتمكن من العمرة قبل الحج فقال لها عن طوافك بالبيت وسعيك يكفيك حجا وعمرة أي أنك قارنة فلم تقتنع فجبر الرسول خاطرها وأرسل بها عبد الرحمن أخاها إلي مسجد التنعيم فأحرمت بعمرة ثم انصرف الجميع فجر الأربعاء فكان مدة حج رسول الله عشرة أيام سئل انس كم مكث رسول الله في مكة فقال عشرة أيام ". أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .
الثانية :ـ
. وفي حديث جابر بن عبد الله الذي رواه الإمام مسلم "كثير من الفوائد : ـ الإحرام من الميقات :ـ فقد أحرم النبي من ذي الحليفة وهي المسماة بأبيار الإمام علي الآن . ويصح في ذلك ما روي الإمامان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله عن بن عباس رضي الله عنهما قال:" وقت رسول الله صلي الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم ولأهل العراق ذات عرق ُثم قال هن لهن ولمن و لمن أتي عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة ". لذلك يخطئ من يسافرون بالطائرة ويؤخرون الإحرام حتى يصلوا جدة . فيجب أن يحرم من المكان الموازي للميقات وهو في الطائرة . أو يحرم قبل ركوب الطائرة من بلده . أما لو أحرم من جدة فعليه دم يذبحه ويوزعه علي فقراء الحرم لأن جدة ليست ميقات . النفساء والحائض :جاء في الحديث أن أسماء بنت عميس ولدت في الميقات محمد بن أبى بكر . فماذا تفعل الحائض والنفساء في الميقات ؟ تستثفر وتتحفض وتحرم عاديا وتفعل كل ما يفعله الحاج عدا الطواف بالبيت " طواف الإفاضة " تؤخره حتى تمام الطهر . فتطوف طواف الإفاضة الذي هو ركن الحاج الأعظم . ولو تأخر الطهر وأرادت أن تسافر إن كانت قريبة من الحرم سافرت وتعلم أنها مازالت علي تحللها الأول فلا يجوز لها أن يقربها زوجها فإن طهرت عادت وطافت لتحل التحلل الثاني . وإن كانت من بلد بعيد ويصعب عليها الرجعة كأن كانت من مصر مثلا فعليها أن تتحفض وتستثفر وتطوف طواف الإفاضة والوداع معا في طواف واحد آخر الأركان . وهذا رأي بن تيمية شيخ الإسلام . جواز أن ينطلق النساء والضعفاء ليلة العيد من مزدلفة : لرمي الجمرة العقبة في النصف الأخير من الليل فعن أسماء بنت أبى بكر وأم سلمة أن الرسول سمح للنساء بذلك .
# ومن أراد الأضحية يحرم عليه أن يمس ظفره وشعره لما روي الإمام مسلم والإمام أحمد من حديث أم عطية رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي , فليمسك عن شعره وأظفاره "وفي رواية "فلا يمس من شعره ولا بشره شيئاً حتى يضحي " من نوي أثناء العشر يمسك من وقت ما نوي . ويجوز لأهله الأخذ . ومن أخذ ناسيا فلا شيء عليه ومن اضطر لأخذ شيء زائد فلا شيء عليه ومن خالف فليتب إلى الله ولا يمنعه ذلك من الأضحية ولا كفارة عليه .