أبو الزهراء المدير العام
عدد الرسائل : 560 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 29/01/2007
| موضوع: حق العباد الأربعاء يونيو 06, 2007 12:04 pm | |
|
بسم الله الرحمن الرحيمحق العباد " حسن الخلق " جامع المصطفي 8/6/2007
الحمد لله مؤدب أحبابه بكامل آدابه . مهييء أسبابه فاتح أبوابه لمن شاء الدخول .أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأسأله السداد في كل ما أفعل أو أقول وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله شرفه وفضله وزينه وجمله و اصطفاه مولاه واجتباه ووفقه وهداه فكان أعظم نبي وأكرم رسول . اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله محمد خير عبادك محمد خير عبادك وعلى آله وصحبه وكل مسلم سار على دربه والتزم طريق الحق التزاما . أما بعد : فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحثكم ونفسي إلى طاعة الله وأحذركم وأنا معكم غضب الله ثم أستفتح بالذي هو خير . يروي الإمام الترمذي رحمه الله عن أبى ذر رضي الله عنه قال . قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن " .
عباد الله أيها المسلمون :
يروي هذا الصحابي الجليل وصية عن النبي صلي الله عليه وسلم جامعة مانعة تشمل علي ثلاثة حقوق ( اتق الله حيثما كنت ( حق الله ) وأتبع السيئة الحسنة تمحها (حق المكلف ) وخالق الناس بخلق حسن (حق العباد ). وقد تناولنا فيما مضي حق الله و حق المكلف واليوم نتناول حق العباد . " وخالق الناس بخلق حسن " .
الخلق الحسن سمة سيد المرسلين وهو الثمرة الحقيقية لهذا الدين واختلف فيه العلماء في تعريفه: فقال بعضهم هو بسط الوجه وبذل الندي وكف الأذى. وقيل هو أن لا يخاصم ولا يخاصم . وقيل أن لا يحسد ولا يحقد . وقيل هو اجتناب الحرام طلب الحلال والسعي علي العيال . وقيل كف الأذى واحتمال المؤمن . وقيل أن يكون من الناس قريبا وفيما بينهم بعيدا . وهذه الأقوال لا تعبر عن حقيقة الخلق بل هي ثمراته وليست كل ثمراته بل بعض ثمراته .
والأخلاق كما عرفها الغزالي : هيئة راسخة في النفس يصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر دون فكر ولا روية . وهذه الهيئة عندما يصدر عنها فعل حسن نقول أن الفاعل ذو خلق حسن وعندما يصدر عنها فعل سيئ نقول أن الفاعل ذو خلق سيئ ويؤكد هذا المعني قوله تعالي " إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين " فبين الله أن الإنسان يتكون من أمرين جسد مدرك بالبصر وروح مدركة بالبصيرة ونسب الجسد للطين ونسب الروح لرب العالمين .
والخلق الذي يصدر من الإنسان يحتمل أن يكون نتيجة أربعة أمور: الفعل .أو القدرة علي الفعل . أو المعرفة بالفعل .أو هيئة راسخة في النفس . وليس الخلق هو الفعل فلا نقول لرجل تصدق أنه ذا خلق حسن فقد يتصدق رياء ولا نقول لرجل لم يتصدق أنه ذا خلق سيئ فقد يمنعه من الإنفاق أنه لا يجد ما ينفق . وليس الخلق هو القدرة علي الفعل فالله خلق الإنسان بطبعه لديه القدرة علي الإعطاء والامساك . وليس الخلق هو المعرفة بالفعل لأن المعرفة تتعلق بالحسن والقبيح . فلا يبق إلا الخلق هيئة راسخة في النفس يصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر دون فكر ولا روية .
وهذه الهيئة ترتكز علي أربعة قوي " قوة العلم وقوة الغضب وقوة الشهوة وقوة العدل " .أما قوة العلم : فبه يعرف الإنسان الطيب من الخبيث والرديء من النفيس وثمرتها الحكمة وهي : ملكة في النفس يدرك بها الإنسان الخطأ من الصواب في الأمور الاختيارية . وهي رأس الأخلاق الحسنة " ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا "فلو زادت عن الحد تولد الخبث والجربزة ولو قلت عن الحد تولد التفريط والبله فلابد من توافرها بمقدار العدل . وأما قوة الغضب : فهو الانقباض والانبساط علي حد تقتضيه الحكمة ولو توفرت بمقدار العدل فثمرتها الشجاعة وهي الإقدام علي فعل الخير دون فكر ولا رويه . فلو ذاد الغضب عم الحد تولد التهور وهو مذموم شرعا يصح في ذلك ما روي الإمام البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل ـ جارية بن قدامة ـ إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال يا رسول الله أوصني قال لا تغضب فردد مرارا قال لا تغضب " ولو قل عن الحد تولد الجبن وهو مذموم كذلك وصدق من قال ومن هاب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر
أما قوة الشهوة : فهي رغبة جائعة جامحة تدعو صاحبها لإشباعها ولو توفرت بمقدار العدل فثمرتها العفة وهي رأس مال من لا مال له فلو ذادت عن الحد تولدت الشراهة جاء شاب إلى رسول الله يبايعه علي الإسلام بشرط أن يرخص له في الزنا فقال له الرسول أترضي هذا لأختك ـ لأمك ـ لبنتك والشاب يقول لا فقال له الرسول كذلك الناس " ولو قلت عن الحد تولد الجمود وهو مذموم شرعا روي البخاري عن أنس رضي الله عنه قال : جاء رهط إلى بيت رسول الله فلما ذكر لهم أعمال الرسول كأنهم تقالوها فقال أحدهم أما أنا فأصوم الدهر أبدا وقال الثاني وأما أنا فأقوم ولا أنام وقال الثالث وأما أنا فأعتزل النساء فخرج عليهم الرسول صلي الله عليه وسلم وقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما إني والله لأتقاكم لله أخشاكم لله ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وآتي النساء وهذة سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني "
فلو توافرت قوة العلم والغضب والشهوة بمقدار العدل وهو مقدار وسط بين الإفراط والتفريط لنتج عن ذلك الحكمة والشجاعة والعفة وهؤلاء أصول لمكارم الأخلاق كلها ولم يحدث ذلك لأحد إلا لرسول الله صلي الله عليه وسلم والناس متفاوتون في ذلك قربا وبعدا لذلك أمرنا رب العالمين أن نأخذ الأسوة من رسول الله فقال " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". ولقد حرص الرسول علي الحث علي حسن الخلق ولم لا ؟ فهو البر: روي الإمام مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال صلي الله عليه وسلم " سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ فَقَالَ : الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ)) . " . وهو من أفضل الأعمال وأن العلاء بن الشخير رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه فقال يا رسول الله" أي العمل أفضل؟ فقال : حسن الخلق ثم أتاه عن يمينه فقال أي العمل أفضل ؟ قال : حسن الخلق . ثم أتاه عن شماله فقال :يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ فقال : حسن الخلق ثم أتاه من بعده يعني من خلفه فقال يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ فألتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك لا تفقه ؟ حسن الخلق هو أن لا تغضب إن استطعت ". وهو أول ما يوضع في الميزان يوم القيامة روي الإمام الترمذي رحمه الله عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال صلي الله عليه وسلم " أول ما يوضع في الميزان يوم القيامة حسن الخلق" . بل هو أثقل شيء في الميزان يوم القيامة قال صلي الله عليه وسلم " اثقل شيئي في الميزان يوم القيامة حسن الخلق " . وهو المزين للدين جاء في الخبر " زينوا دينكم بحسن الخلق والسخاء " وهو المعوض عن نقص المال جاء في الخبر " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ". كما أنه أكثر ما يدخل الجنة روي الترمذي رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : ( تقوى الله وحسن الخلق . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال (الفم والفرج ) . من أجل هذه الأسباب مجتمعة كان حسن الخلق مطلبا لرسول الله في دعائه فكان يدعو " اللهم كما حسنت خلقي حسن خلقي ـ اللهم إني أسألك حسن الخلق والعافية ــ واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت " . وفي نفس الوقت حذر من سوء الخلق فبين أنه الشؤم روي الإمام أحمد عن عائشة سئل صلي الله عليه وسلم عن الشؤم فقال "الشؤم سوء الخلق " . وهو المقوي للكفر جاء في الخبر " لما خلق الله الكفر قال يارب قوني فقواه الله بسوء الخلق " كما أنه يفسد العمل روي الإمام الحاكم قال صلي الله عليه وسلم " سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل " وهو ذنب لا يغفر جاء في الخبر " سوء الخلق ذنب لا يغفر " بل لا ينفع معه عمل صالح صح عن النبي فيما يرويه أبو هريرة ذكر لرسول الله صلي الله عليه وسلم امرأة تقوم الليل وتصوم النهار غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال " هي في النار ".من أجل ذلك فإن الحصيف الذكي هو الذي يتخلق بالخلق الحسن ويبتعد عن الخلق السيئ فهذا هو الفلاح الحقيقي روي الإمام أحمد قال صلي الله عليه وسلم " قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته مستقيمة " عندئذ يصل لأعلي الدرجات روي الإمام أحمد وصححه الألباني قال صلي الله عليه وسلم " إن المسلم ليصل لدرجة الصائم القائم بحسن خلقه ".
الثانية :
روي بن مردويه عن جابر سئل النبي صلي الله عليه وسلم عن حسن الخلق فقال " خد العفو و أمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " ثم قال : هي أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك . ولخص النبي المقصد من بعثته فقال فيما روي الإمام أحمد إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق وانعكس ذلك عليه فكان الرسول صلي الله عليه وسلم قرآنا يمشي علي الأرض فقد سئلت عائشة رضي الله عنها كيف كان خلق رسول الله فقالت كان خلقه القرآن وشهد له بذلك رب العالمين فقال وإنك لعلي خلق عظيم وشهدت له خديجة فيما روي مسلم عن عائشة رضي الله عنها " والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق " وشهد له أنس فقال خدمت النبي أكثر من عشر سنين فما قال لي أف قط ولا قال لشئ فعلته لم فعلته ولا لشيء تركته لم تركته ". وصدق البوصيري :كفاك بالعلم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم
عدل سابقا من قبل في السبت يونيو 23, 2007 5:17 am عدل 1 مرات | |
|
ام عبد الله مشرفة منتدي البراعم التربوي
عدد الرسائل : 19 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 09/04/2007
| موضوع: رد: حق العباد السبت يونيو 23, 2007 1:50 am | |
| بارك الله فيكم . نفع الله بكم . | |
|