الحلم ؛؛؛؛؛؛؛ درجات
إ ن طبيعة الإنسان تأبى عليه الا أن يقابل السىء بالسىء وقد يكون الإنسان محقا فى ذلك يؤيده قول ربه عز وجل ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله عز وجل (وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وقد تستبد بالإنسان طبيعته فيجازى الخير بالشر ويضع الكفر موضع الشكر وهذا ما صارح به قول الله عز وجل ( وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يؤسا ) وفى ذلك يروى الإمام مسلم رحمه الله عن أبى هريرة رضى الله عنه قال أتى النبى محمدا صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله ؛ إن لى قرابة أصلهم ويقطعوننى وأحسن اليهم ويسيئون الى وأحلم عنهم ويجهلون على فقال له صلى الله عليه وسلم: لئن كنت صادقا فيما تقول فكأنما تسفهم المل (كأنما تدخل التراب الأحمر فى أفواههم ) ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك أما الإنسان الذى هذبه الدين وأدبه القران وثقفته السنة النبوية المطهرة فلا يصعب عليه أن يقابل السىء بالحسن ؛ يقبل المعذرة ويجود بالمغفرة ويعفو عند المقدرة ليفوز برضوان الله الأكبر ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) ولقد سبقت ايات القران الكريم ما نسميه اليوم بعلم النفس وفلسفة الأخلاق فحللت نفسية الإنسان وكشفت عما تؤول اليه عاقبة التسامح من مودة بعد جفاء ومحبة بعد عداء وصارحت للعيان ( ولا تستوى الحسنة ولا السيئة إدفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم ) وإذا كان الحلم درجات فأولى درجاته كظم الغيظ واخرها مقابلة السيئة بالحسنة وبين هذه وتلك العفو عند المقدرة ومسالمة الجهال ؛ ولا يكون ذلك إلا عن كرم نفس وقوة عزم واحتمال وصبر (وما يلقاها الا الذين صبروا وما يلقاها الا ذو حظ عظيم ) ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) وكظم الغيظ معناه : عدم الاستسلام للغضب ذلك الداء الوبيل الذى حذرنا منه رسولنا الكريم فقد روى الإمام البخارىرحمه الله عن أبى هريرة رضى الله عنه قال أتى النبى محمدا صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أوصنى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا تغضب ؛ فردد الرجل مرارا أوصنى يا رسول الله ؟ فقال الرسول : لا تغضب ؛ وروى الإمامان الشيخان رحمهما الله عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة ( ليس القوى الذى يصرع الناس ويغلبهم ) إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب ؛ وروى الإمام أبو داود رحمه الله عن معاذ بن أنس رضى الله عنه قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء
منقول من أ: رضا جوهر غفر الله له ولأبيه أستاذنا العلامة : مرسي حسين جوهر رحمه الله رحمة واسعة