طلوع الشمس من مغربهاوالدخان والدابة والخسوف الثلاثة

بسم الله الرحمن الرحيم
طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة والخسوف الثلاثة
جامع المصطفي بالمنصورة : 16/5/2008 م
الحمد لله الأول فلا شيء قبله . والآخر فلا شيء بعده . والظاهر فلا شيء فوقه . والباطن فلا شيء دونه سبحانه سبحانه ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم ) . أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأتوكل في جميع الأمور عليه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبه ورسوله شرفه وفضله وزينه وجمله فكان أقرب المقربين إليه . اللهم صل وسلم وبارك علي رسول الله محمد خير عبادك وعلي آله وصحبه وكل مسلم آمن بآيات ربه ففاز بقربه وتمتع بحبه وسار علي دربه إلي يوم الدين . فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحذركم ونفسي من عصيان الله ثم أستفتح بالذي هو خير . يروي الإمام مسلم رحمه الله عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: طلع علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ونحن نتذاكر . فقال ما تذاكرون؟ قلنا نذكر الساعة قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات " فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسفا بالمشرق وخسفا بالمغرب وخسفا بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى أرض المحشر ".
عباد الله أيها المسلمون :ـ
طلوع الشمس من مغربها:ـ الشمس آية من آيات الله و منذ أن خلقها اللـه عز وجل وهي تشرق من المشرق وتغرب في المغرب لا تتخلف يوماً ولا تتأخر ساعة واسمع لربك "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَـازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُل فِي فَلَكٍ يَسْبَحُون " . فهي آية من كبريات آيات الله وصدق الله " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ". ففي كل يوم تسجد تحت العرش حتى يأذن لها ربها في الشروق . وتستمر كذلك حتى يأتي وعد الله فتستأذن ربها أن تشرق كعادتها من المشرق فلا يأذن لها . ويصح في ذلك ما روي الإمام مسلم رحمه الله عن أبى ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي قال لأصحابه يوماً والشمس تغرب " أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ قالوا اللـه ورسوله أعلم فقال : إن هذه تجرى حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة لله عز وجل فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترتفع فتصبح طالعة من ( أي المشرق ) فلا تزال كذلك لا يستنكر الناس منها شيئاً حتى تجرى ثم تسـتقر في مكانها تحت العرش فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي اصبحى طالعة من مغربك فتصبح الشمس طالعة من مغربهــا". وذلك قبيل الساعة . وليلة شروقها من المغرب تعدل ثلاث ليال روي الإمام ابن مردويه رحمه الله عبد اللـه بن أبى أوفى أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "يأتي على الناس ليلة تعدل ثلاث ليالٍ من لياليكم فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام ثم يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام فيفزعون إلى المساجد فإذا هم يرون الشمس قد طلعت من مغربها أتدرون متى ذاكم قالوا: اللـه ورسوله أعلم قال ذاك حين لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا " . ويروي الإمام مسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " ثـلاث إذا خرجـن لا ينفـع نفساً إيـمانهـا لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً طلـوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض " . ويرتبط بطلوع الشمس من مغربها غلق باب التوبة إلي الله يروي الإمام مسلم رحمه الله عن أبى موسى الأشعري"إن اللـه عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " هنيئاً لمن طلعت الشمس عليه من مغربها وهو مستقيمُ على طاعة اللـه " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ".
خروج الدابة :ـ وهي دابة تتكلم ‍و تنطق وتكلم الناس كلاماً مفهوماً واضحاً وتقيم عليهم الحجة وتذكرهم بأنهم كانوا لا يوقنون بآيات اللـه وكانوا لا يصدقون بها. واسمع لربك "وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرض تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ ". ويصح في ذلك ما روي الإمام مسلم رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال " أول أشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على النـاس ضحى فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً " . وروي الإمام أحمد رحمه الله وصححه الألباني أن النبي صلي الله عليه وسلم قال " تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم" أى تعلم الناس على الأنوف. وروي الإمام الترمذي عن علي بن زيد بن جدعان رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال "تخرج الدابة ومعها عصى موسى وخاتم سليمان فتسم أنف الكافر أى تعلم أنف الكافر وتجلو وجه المؤمن" ويضئ وجه المؤمن كأنه كوكب درى. وقد غالي كثير من الناس في وصف الدابة لكن وقفنا علي الصحيح فقط .
وأما الدخان :ـ فعلامة كبرى . وقد وقع الدخان علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم لما دعي علي المشركين كما قال بن مسعود رضي الله عنه بدليل قوله تعالي " فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين " . ولكن الدخان الوارد في حديث حذيفة بن أسيد الغفارى الذي هو علامة من علامات الساعة الكبرى وعند خروجه لا تقبل التوبة . ثم يبعث اللـه ريحاً ألين من الحرير فتقبض أرواح المؤمنين من على ظهر الأرض فلا يبقى على ظهر الأرض مؤمن . يقول النبي صلي الله عليه وسلم " فلا تدع أحداً في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته " ويبقى على الأرض شرار الخلق الكفرة الفجرة ممن لا يؤمن باللـه عز وجل فتطلع عليهم القيامة ويصح في ذلك ما روي الإمام مسلم رحمه الله عن عبـد اللـه بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال" لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق " وفي رواية أنس رضي الله عنه " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض اللـه " . وهذا دليل علي أنه لا يبقي إلا الكفرة الفجرة وعلى هؤلاء تقوم الساعة .
ثم تظهر باقي العلامات الكبرى وهي عذاب في عذاب وبلاء في بلاء فتقع الخسوف الثلاثة :ـ والخسف هو انشقاق الأرض ومنه قوله تعالي " فخسفنا به وبداره الأرض " فيقع الخسف الأول بالمشرق ويقع الخسف الثاني بالمغرب و يقع الخسف الثالث بجزيرة العرب .
وبعد هذه الخسوف الثلاثة تخرج العلامة الأخيرة من علامات الساعــة الكبرى وهى نار تخرج من قعر مدينة عدن (المعروفة الآن باليمن) فتطرد الناس جميعاً إلى محشرهم. والحشر أنواع :ـ الأول المذكور في سورة الحشر " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا" ، الثاني : هو الحشر الوارد في حديث حذيفة وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم وذلك لا يكون إلا في الدنيا،الحشر الثالث: حشر الناس من القبور وغيرها بعد البعث، الرابع: حشر الناس إلى الجنة أو إلى النار وهذا في الآخرة يحشر فيه المؤمنون والكافرون حفاة عراة غرلا ويصح في ذلك ما روي الشيخان البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت "تحشرون حفاة عراة غرلا" قالت عائشة يا رسول اللـه الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض فقال المصطفى يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك "
ومن علامات الساعة هدم الكعبة الشريفة حجراً حجرا واسمع لربك " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس " أي لا يزال العالم باقيا مادام البيت باقيا فإذا أراد الله فناء العالم حدثت هذه العلامة لتكون نهاية العالم . وذلك بعد نزول نبي الله عيسي عليه السلام دلت الأحاديث الصحيحة أن نبي الله عيسي عليه السلام يقتل المسيخ الدجال ويطهر الأرض منه . ويدعو علي يأجوج ومأجوج فيكون هلاكهم وطهارة الأرض من نتنهم . ثم يعيش الناس في أمن وسلام في وجود نبي اللـه عيسى ثم يذهب نبي الله عيسي فيحج بيت الله الحرام ثم يموت نبي اللـه عيسى في المدينة المنورة ويصلى عليه المسلمون من أمة محمد ويدفنون نبي اللـه عيسى مع الحبيب المصطفى في الحجرة المباركة وبعد ذلك يقع الدخان وتخرج الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين ولا يبقى إلا شرار الخلق تمحى آيات اللـه من المصحف لا يقول أحد كلمة لا إله إلا اللـه فلا يحجون البيت بل ولا يعرفون عن البيت شيئاً من بين هؤلاء الأشرار رجل من الحبشة اسمه ذو السويقتين . يقول المصطفى " لا تقوم الساعة حتى يخرب الكعبة رجل يقال له ذو السويقتين من الحبشة " وفى رواية البخارى عن ابن عباس قال المصطفى "كأني أنظر إليه أسود أفحج ينقض الكعبة حجراً حجرا" . ويروي الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "يخرب الكعبة ذو السويقتين في الحبشة ويسلبها حليها ويجردها من كسوتها ولكاني أنظر إليه أصيلعا أفيدعا يضرب بمسحاته ومعوله" وبهذا تنتهي الحياة الدنيا بحلوها ومرها. بحلالها وحرامها بخيرها وشرها ولا يبقى إلا الكفرة من شرار الناس .
الثانية :ـ َ
وعلي شرار الخلق تقوم الساعة ثم يأمر الله إسرافيل أن ينفخ في الصور"نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ "

بارك الله فيك

» ضياء الشمس ونور القمر