أبو الزهراء المدير العام
عدد الرسائل : 560 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 29/01/2007
| موضوع: رجب من منظور اسلامي الجمعة يوليو 20, 2007 1:02 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم رجب الفرد جامع المصطفي :المنصورة: 20/7/2006 م الحمد لله الواحد القهار . جعل في تعاقب الليل والنهار عبرة لأولي الأبصار . سبحانه سبحانه يكور الليل علي النهار ويكور النهار علي الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ألا هو العزيز الغفار . أحمد الله وأشكره وأتوب إليه وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأسأله النجاة من النار . وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له يخلق ما يشاء ويختار . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شرفه وفضله وزينه وجمله واصطفاه واجتباه ووفقه وهداه فكان صفوة المصطفين الأخيار . اللهم صل وسلم وبارك علي رسول الله محمد خير عبادك وعلي آله وصحبه وكل مسلم آمن بآيات ربه ففاز بقربه وتمتع بحبه وسار علي دربه إلي يوم الدين . أما بعد . فأوصيكم وإياي عباد الله بتقوى الله وأحذركم ونفسي من عصيان الله ثم أستفتح بالذي هو خير يقول الله تبارك وتعالي وهو أصدق القائلين "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) . التوبةعباد الله أيها المسلمون :مرت الليالي ودارت الأيام فوجدنا أنفسنا أمام شهر رجب الحرام . وصح في ذلك ما روي الشيخان الجليلان البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم حجة الوداع بمني فقال " لقد استدار الزمان كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض . السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم . ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر بين جمادي وشعبان . ثم قال إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ". فرجب شهر حرام . أي معظم . قال بن فارس في مقاييس اللغة : رجب كلمة تعني دعم و تقوية شيء بشيء آخر ومن هذا الباب رجبت الشيء أي عظمته . وقال الإمام البيهقي : كانوا يعظمونه في الجاهلية فلا يقاتلون فيه . فلا تسمع فيه صوت استغاثة ولا صوت قتال . فماذا قال ربنا في الأشهر الحرم ؟ اسمع لربك "يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام" وقال : " فلا تظلموا فيهن أنفسكم ". فلا تفعلوا فيها ما حرم الله ولا تحلوا فيها ما حرم الله لأن الذنب يعظم بعظم الزمان والمكان. قال بن عباس رحمه الله " إن الله اصطفي من خلقه صفايا فقد اصطفي من الملائكة رسلا . ومن البشر رسلا . ومن الكلام الذكر . ومن الأرض المساجد . ومن الشهور الأشهر الحرم ورمضان . ومن الأيام يوم الجمعة . ومن الليالي ليلة القدر فعظموا ما عظم الله تعالي . واعملوا بنصيحة الله في الأشهر الحرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم" . قال محمد بن سماجة لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما . ولشهر رجب أسماء كثيرة فهو رجب الفرد لأنه جاء منعزلا عن سائر الأشهر الحرم فقد جاءت الأشهر الحرم الأربعة ثلاثا متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحدا فردا وهو رجب بين جمادي وشعبان . وهو شهر رجب الأصم لأن القتال يقف فيه فلا تسمع فيه صوت سلاح ولا صوت استغاثة . وهو شهر رجب الأصب لآن الله يصب فيه الخير علي العباد صبا وهو رجب مضر لأن قبيلة مضر كانت تعظمه عن غيرها من القبائل . و كانت القبائل تعظم رجب في الجاهلية ( تقف الحروب . ويحرم القتال وتوصل الأرحام وتنسي العداوات والخصام ويعيش الناس في أمن وسلام ) ولما جاء الإسلام أقرهم علي هذه المبادئ . وفي يوم من أيام رجب قتل مسلم قرشيا فغضب الرسول وقال والله ما أمرتكم بقتال في هذا الشهر . ثم تلقي الرسول الأمر من ربه ليصدع بالدعوة الإسلامية واستغل الكفار فرصة تحريم القتال في الأشهر الحرم وتعدوا علي المسلمين . عند ذلك شرع الله القتال فيه ونزل قوله تعالي" يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"وتمر الأيام وتتوالي الأعوام ويأتي العام التاسع الهجري ويعلم الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يثبت دعائم الدعوة الإسلامية أن بلاد الروم تستعد لحربه فعزم علي مقابلة هذه القوي بنفسه وصارح الناس بعزمه واستجابت جموع المسلمين حتى ضاق بهم فضاء الصحراء . يسوقون خيلهم وإبلهم ومعهم حذرهم وأسلحتهم . وتباري المسلمون في الإنفاق والتجهيز للجيش فهذا أبو بكر الصديق أنفق كل ماله في تجهيز الجيش فيسأله الرسول صلي الله عليه وسلم ماذا أبقيت لأهلك ؟ فيقول أبقيت لهم الله ورسوله . وهذا عمر يجود بنصف ماله . وهذا عثمان بن عفان يجهز ثلث الجيش بمفرده فيقول الرسول صلي الله عليه وسلم . اللهم إني راض عن عثمان اللهم ارض عن عثمان . وغيرهم وغيرهم من المسلمين ويأتي فقراء المسلمين يطلبون من الرسول أن يحملهم للجهاد فحمل بعضهم واعتذر لبعضهم فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون . ونزل فيهم قول الله " لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ" أما المنافقون فقد جاء جماعة منهم يلتمسون المعاذير من رسول الله صلي الله عليه وسلم ويحلفون بالله قائلين لو استطعنا لخرجنا معكم والله يعلم إنهم لكاذبون والبعض يقول إن الجو حر ففضحهم الله وقال " وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون "وبلغ عدد المسلمين 30.000 مقاتل منهم 10.000 فارس وأعطي الرسول الراية لأبي بكر الصديق وتقدم الجيش وعسكر في تبوك في شهر رجب العام التاسع الهجري وعسكر فيها ثلاثين يوما فلم يجد جيشا للروم ولم ير أحدا ينازله فوقف علي الحدود وعرض علي قبائل الروم وهي( آيلة وأزرح وحرباء ودومة الجندل ) الإسلام أو الجزية . أما أزرح وحرباء وآيلة فقد صالحوا المسلمين علي الجزية . وأما دومة الجندل التي توقع الرسول منها العداء فقد وجه إليها سيف الله المسلول (خالد بن الوليد ) فقد انقض عليها في حين غفلة من أهلها وغنم كل ما فيها وأسلم أميرها . وعاد الرسول منتصرا غانما مظفرا . وجاء المتخلفون عن الحرب يعرضون المعاذير فأعرض عنهم الرسول صلي الله عليه وسلم ولم يحدثهم إلا ثلاثة منهم صدقوا الله ورسوله وندموا علي ما كان منهم وهم (كعب بن مالك, وهلال بن أمية, ومرارة بن الربيع وكلهم من الأنصار) فأمر الرسول بمقاطعتهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه واستمر ذلك خمسين يوما فنزل عنهم العفو الإلهي " وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " .وكانت هذه الغزوة هي آخر غزوة غزاها رسول الله صلي الله عليه وسلم بها أمن شبه الجزيرة العربية وبها فضح الله المنافقين فانعزلوا عن المسلمين وبها فتح الله باب التوبة أمام التائبين وبعدها جاءت الوفود من القبائل المجاورة إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يعرضون عليه الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا فسمي عام الوفود .ولكن ما معني أن الرسول صالحهم علي الجزية ؟ من العقود التي شرعها الإسلام عقد الجزية وهو عقد بين أمير المسلمين والكفار المقيمين في بلد الإسلام من " يهود أو نصارى أو مجوس "يقضي بان يتولي الأمير الدفاع عنهم وأن يقوموا بدفع جزية سنوية مقدارها أربعة دنانير للموسر والمتوسط ديناران والمعسر دينار لقوله تعالي " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" ويلتزم الذميون بمقتضي ذلك فيطبق عليهم أحكام الإسلام التي يعتقدونها ولا يذكرون الإسلام بشر ولا يعملون عملا يضر بالمسلمين كإيواء جاسوس مثلا ويلبسون ثيابا مميزا لهم عن المسلمين فليبس اليهودي الأصفر والنصراني الأزرق والمجوسي الأسود ويشدون الزنار علي وسطهم. أقول قولي هذا .الثانية :ومما شاع في زماننا تخصيص بعض الناس لهذا الشهر بصيام أو قيام أو عمل معين ظانين أن هذا الشهر له من الخصائص ما ليس لغيره . والحق أن هذا الشهر كغيره من الشهور والأحاديث التي سيقت في هذا المقام لا تصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم بل ونبه العلماء عليها ومنها " رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي " وفضل رجب علي سائر الشهور كفضل الله علي عباده ..الخ فهذه ومثيلاتها لم تثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم . ومن البدع في هذا الشهر صلاة الرغائب وهي صلاة في أول ليلة من رجب . وصلاة أم داوود في منتصف الشهر .وكل هذه بدع نبه العلماء علي عدم مشروعيتها وأنها ليست من الدين في شيء .ومن البدع تخصيص أيام للصوم في رجب . فرجب كغيره لم يشرع فيه من الصوم إلا ما شرع في غيره كصوم الاثنين والخميس والأيام البيض وقد ورد في السنة التنصيص علي ذلك .ومن البدع تخصيص رجب بعمرة فالعمرة مشروعة في جميع أيام السنة وقد صحح الألباني عن عائشة "ما اعتمر النبي في رجب ". ومن البدع تخصيص رجب بذبح لأن هذا تشبه بما كان يفعل في الجاهلية فلما جاء الإسلام نهي عن ذلك روي البخاري ومسلم عن أبي هريرة " لا فرع وعتيرة "والي ذلك ذهب الجمهور غير أن الشافعية قالوا إن المحرم هو الذبح لغير الله أو تخصيص رجب بالذبح أما إن كان الذبح لله وبدون تخصيص وقت فلا حرج .أحبتي في الله : ليس بعد قول الله تعالي " اليوم أكملت لكم دينكم " وبعد قول رسول الله صلي الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ليس لأحد أن يجعل من الدين ماليس منه . وليس لأحد أن يأتي بشيء ويصبغه بصبغة الدين . من فعل ذلك فقد جعل نفسه شريكا لله في أخص صفات الله وأبرز خصائصه فافتري وكذب وطغي بغي وغرر وزور وتعدي وظلم " ومن أظلم ممن افتري علي الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين "وقال صلي الله عليه وسلم " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".... | |
|