أبو الزهراء المدير العام
عدد الرسائل : 560 العمر : 58 تاريخ التسجيل : 29/01/2007
| موضوع: جمال الفواصل في القرآن الخميس مايو 10, 2007 2:26 pm | |
| جمال الفواصل المعنوى فى القران الكريم بسم الله الرمن الرحيم---من مزايا معانى الفواصل فى القران الكريم شدة ارتباطها بما قبلها من الكلام ؛ وقوة تعطف الكلام عليها ؛ كأنهما معا جملة مفرغة يسرى فيها روح واحد ؛ ونغم واحد ؛ ينحدر الى الاسماع انحدارا وكان ما سبقها لم يكن الا تمهيدا لها ؛ لتتم معناه ؛ وحتى لتبلغ من وقوعها موقعها واطمئنانها فى موضعها أنها لو حذفت لاختل معنى الكلام ؛ واضطرب فهمه ؛ واستغلق بيانه ؛ ولو سكت عنها لاستطاع السامع أن يختمه بها انسياقا الى الطبع الملهم والذوق السليم -- وقد أخرج ابن أبى حاتم من طريق الشعبى عن زيد بن ثابت ؛ قال : أملى على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة فى قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة ؛ فخلقنا العلقة مضغة ؛ فخلقنا المضغة عظاما ؛ فكسونا العظام لحما ؛ ثم أنشأناه خلقا اخر ) فقال معاذ بن جبل : فتبارك الله احسن الخالقين ) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقال معاذ : مم ضحكت يا رسول الله ؟ قال بها ختمت ؛ وفى رواية أخرى أن القائل هو ( عمر بن الخطاب ) ---------بل قد يبلغ من تعيينها فى مكانها وفرض نفسها عليه ؛ أنها لو بدل بها غيرها لأدرك السامع الحصيف الثاقب الفطنة أن كلاما غريبا ينقصه التناسب حل محلها ؛ فأنكر ذلك سمعه وضاق به صدره ؛ كما حدثوا أ ن رجلا فى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه -قرأ ( فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله (غفور رحيم ) فقال أعرابى : لا يكون - وفى رواية أخرى أنه قال : إن كان هذا كلام الله عز وجل _ فلا يقول ( غفور رحيم ) ؛ الحكيم لا يذر الغفران عند الزلل ؛ لأنه إغراء عليه . وقد صدق الأعرابى ؛ فإن الصواب ( عزيز حكيم ) إذ لا معنى للغفران والرحمة بعد وضوح الحق ؛ وقيام الحجة على الجاحد ___ وروى أن أعرابيا اخر سمع رجلا يقرأ ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله ) والله غفور رحيم __ فقال ما ينبغى أن يكون الكلام هكذا ! فقيل له : إن القارىء غلط والقراءة ( والله عزيز حكيم ) فقال هكذا تكون فاصلة الكلام ؛ فإنه لما عز حكم ________ وهذا فى عرفهم يسمى ( التمكين ) وأكثر فواصل القران واردة عليه _ومن أمثلته الرائعة قوله تعالى حكاية عن قوم شعيب ( قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد اباؤنا أو نفعل فى أموالنا ما نشاء ؛ إنك لأنت الحليم الرشيد ) فإنه لما تقدم فى الاية ؛ ذكر العبادة ؛ وتلاه ذكر التصرف فى الأموال ؛ اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد ؛ لأن الحلم يناسب العبادات ؛ والشد يناسب الاموال .. ولهذا كان بلوغ الرشد معتبرا فى تمكين القاصر من أمواله ______ ومن لطائف الفواصل ؛ قول الله سبحانه وتعالى ( فأما اليتيم فلا تقهر . وأما السائل فلا تنهر) فلا يمكن التبديل بينهما إذ لا يجوز النهى عن انتهار اليتيم لمكان تهذيبه وتأديبه ؛ وإنما ينهى عن قهره وغلبته ؛ كما لا يجوز أن تنهر السائل إذا حرمته بل يرد ردا جميلا __وقد تجتمع الفواصل فى موضع واحد ويخالف بينها ؛ وقد جاء ذلك فى مواضع كثيرة من القران ؛ نحو قوله سبحانه وتعالى ( وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر قد فصلنا الايات لقوم يعلمون * وهو الذى أنشأكم من نفس واحدة فمستقر ومستودع قد فصلنا الايات لقوم يفقهون * وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه أنظروا الى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلك لايات لقوم يؤمنون ) فإن الله عز وجل ختم الاية الأولى بقوله ( لقوم يعلمون) والثانية بقوله ( لقوم يفقهون ) والثالثة بقوله ( لقوم يؤمنون ) وذلك لأن حساب النجوم والاهتداء بها يخص العلماء ؛ فناسب ختمه ب( يعلمون ) وانشاء الخلائق من نفس واحدة ونقلهم من صلب الى رحم ثم الى دنيا ثم الى حياة وموت والنظر فى ذلك أدق فناسب ختمه ب( يفقهون 9 لان الفقه فهم الاشياء الدقيقة _ ولما ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الارزاق والاقوات والثمار ؛ ناسب ختمه بالإيمان الداعى الى شكره تعالى على نعمه------------- هذا والله الموفق ومع ذكر باقى جمال الفواصل المعنوى فى القران الكريم فى حلقات قادمة بإذن الله نقلا عن الاستاذ رضا جوهر | |
|