هل صحيح أن العبد عندما يلتزم بطاعة الله يكون عبداً ربانياً يقول للشيء كن فيكون بإذن الله، وذلك أخذاً بالحديث القدسي: -عبدي أطعني تكن عبداً ربانياً تقول للشيء كن فيكون-؟
-
لقد أجرى الله تعالى في سنته الكونية لخلقه معجزات وكرامات، أما المعجزات: فهي خاصة برسله، تأييداً لهم في إرسالهم رسلاً منه تعالى لأقوامهم، كمعجزات عيسى، وموسى، وإبراهيم، وصالح وغيرهم من الرسل.
وأما الكرامات، فيشترك فيها مع أنبياء الله ورسله غيرهم من عباد الله الصالحين، إلا أن هذه المقامات لا تصل إلى حد الربوبية والألوهية، فإن من يقول لشيء: كن فيكون هو الله وحده لا شريك له -إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون- -يس: 28-.
وأما ما ذكر من الحديث القدسي الذي نصه: -عبدي أطعني تكن عبداً ربانياً تقول للشيء كن فيكون-! فهو حديث باطل، فلم يكن لأحد من خلق الله تعالى أن يقول لشيء كن فيكون، وإنما منح الله المعجزة للرسل وحدهم، والكرامة لهم ولغيرهم من عباد الله الصالحين ممن هم على حال من الاستقامة والتقي وسلامة الاعتقاد.. والله المستعان
ملاحظة حول الاستعاذة
- أحدهم يسأل ويقول: إنه سمع من مجموعة من المتحدثين والمحاضرين في مواضيع شرعية يقول أحدهم في معرض الاستدلال على قوله: -يقول الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم- ثم يذكر الآية التي يستدل بها، هل على هذا القول ملاحظة؟
- نعم.. على هذا القول ملاحظة تتعلق باستعاذة الله من الشيطان الرجيم، فالله سبحانه وتعالى أجل وأعظم وأرفع مقاماً وسمواً من أن يستعيذ من الشيطان، والشيطان أحقر وأذل وأضعف وأدنى من أن يستعيذ الله منه؛ فالاستعاذة طلب الالتجاء والاعتصام ممن هو في مقام قوة وبطش وغلبة، والشيطان أحقر وأذل وأصغر وأدحر من ذلك؛ فلا يجوز شرعاً ولا عقلاً ولا تصوراً أن ننسب إلى الله تعالى الاستعاذة من الشيطان.
والله سبحانه وتعالى لم يقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإنما هذه الكلمة تصدر من عباد الله تعالى يستعيذون بربهم من الشيطان الرجيم، وأما قول الله تعالى: -بسم الله الرحمن الرحيم- فهذا صحيح، فجميع ما جاء في كتاب الله تعالى من أوله حتى آخره كلام الله تعالى، ومن ذلك -بسم الله الرحمن الرحيم- فهي جزء من آية في سورة النمل.. والله المستعان.
ميراث المرأة
- شبهة يثيرها غير المسلمين بقولهم: إنكم ضد المرأة، حيث إنها لا تتمتع بكامل حريتها، وكذلك بأن لها نصف ما للذكر من الميراث، فكيف نرد على هذه الشبهة؟
- قال تعالى: -ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم- -البقرة: 021-، والمرأة في الإسلام إنسان كامل الأهلية والكرامة، والنساء شقائق الرجال، والإسلام حينما أحاط المرأة بسياج الحشمة والعفاف والكرامة والاحترام، منعها من ذئاب البشر ومرضى القلوب، وعدها جوهرة مكنونة لها شخصيتها الكريمة وهيبتها الغالية، لا يمسها إلا من له حق ذلك، وهو زوجها، ولا يجتمع بها ولا يخالطها إلا من كان محرماً لها كأبيها وإخوتها وأبنائها وأعمامها، وغيرهم من محارمها.
فالإسلام أكرمها ولم يهنها، وحماها من الوقوع في الرذائل والفواحش وحبائل أبالسة الإنس، وجعلها إنساناً سوياً كريماً أهلاً للإلزام والالتزام، وأعطاها حقوقاً لم يعطها الرجال، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم من أحق الناس بحسن صحبتي؟ فقال: -أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أبوك- -متفق عليه- وأما القول بإنها مهضومة من حيث الميراث، فليس لها إلا نصف ما للذكر، فهذا صحيح في حال مساواتها للذكر في القرابة والجهة؛ وذلك راجع إلى أن الرجل عليه مستلزمات مالية، فهو القوّام على نفسه ونسائه وأولاده وجميع من تلزمه نفقتهم من قرابته، فحاله تقتضي ذلك.
وأما المرأة فنفقتها ونفقة أولادها على زوجها، فليست في حاجة إلى المال كحاجة الرجال، والإسلام ينظر إلى المال نظرة تغطية حاجات لا نظرة جمع وتكديس، وحاجات الرجال لا تنسب إلى حاجات النساء إلا كنسبة الأدنى إلى الأعلى، ولهذا كان الأمر بالنسبة إلى تقسيم الإرث وإعطاء الرجال النصيب الأوفر، ومع ذلك ففي كثير من مسائل المواريث يكون للمرأة الحظ الأوفر من الإرث، ولا يكون للرجال إلا القليل، ومن ذلك: لو توفي إنسان عن بنت وعشرة إخوة، فللبنت نصف التركة، والنصف الباقي للإخوة العشرة لكل واحد منهم 5% من التركة، وللبنت 05% من التركة.
وموضوع السؤال لا يكفيه ما ذكر إجابة، ولكن، ذكر بعض الأمر خير من تركه.. والله المستعان.
صفات المفتي
- ما الذي يجب أن يكون عليه المفتي؟
- لاشك أن مقام الإفتاء مقام رفيع ومسلك خطير، لا يجوز للشخص أن يتصدى له حتى يكون على جانب كبير من العلم بقواعد الشريعة وأصولها ومصادرها الشرعية، ومن ذلك: كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والإجماع، والقياس، وأصول التفسير، والحديث وقواعد اللغة العربية؛ حيث إنها لغة هذا الدين، وقد نزل التشريع بلسانها.
ويشترط أن يكون على جانب من رجاحة العقل، وبعد النظر وإدراك ما عليه الناس من عادات وأعراف، حتى يكون على بصيرة من تصور الاستفتاء وجوابه، كما يجب أن يكون المفتي على جانب كبير من التقوى والصلاح، وسلامة الاقتداء، وسعة الاطلاع على أقوال أهل العلم، فمن كان غير مؤهل بما ذكر، فالغالب أن خطأه أكثر من صوابه، وأن فتاواه عرضة للخلل والنقص والخطأ، ثم هو بعد ذلك عرضة لغضب الله وعقابه، فأجرأ الناس على الفتوى أجرؤهم على النار.. والله المستعان.