منتدى الدعوة إلى الله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدعوة إلى الله

www.dawa.ahlamontada.com
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أمهات المؤمنين .....جزء1

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالأحد أبريل 08, 2007 6:16 am

خديجة بنت خويلد
أم المؤمنين

والله ما أبدلني الله خيراً منها... قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس... حديث شريف
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة...
بداية التعارف

كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال، فلمّا بلغها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها الى الشام تاجراً، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة، فقبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخرج في مالها حتى قَدِم الشام.
وفي الطريق نزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة: (من هذا الرجل؟)... فأجابه: (رجل من قريش من أهل الحرم)... فقال الراهب: (ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي)...
ثم وصلا الشام وباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- سلعته التي خرج بها، واشترى ما أراد، ثم أقبل قافلاً الى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه -صلى الله عليه وسلم- من الشمس وهو يسير على بعيره... ولمّا قدم -صلى الله عليه وسلم- مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف...
الخطبة و الزواج

وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم- فبعثت الى رسول الله وقالت له: (يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك، وشرفك في قومك وأمانتك، وحُسْنِ خُلقِك، وصِدْقِ حديثك)... ثم عرضت عليه نفسها، فذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له: (إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك)...
ووصل الخبر الى عم السيدة خديجة، فأرسل الى رؤساء مُضَر، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك، فكان وكيل السيدة عائشة عمّها عمرو بن أسد، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل، ووكيل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّه أبو طالب...
وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم، وزرع إسماعيل وضئضئ معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة بيته، وسُوّاس حرمه، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به، وإن كان في المال قِلاّ، فإن المال ظِلّ زائل، وأمر حائل، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل)...
ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا: (الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت، وفضلنا على ما عددت، فنحن سادة العرب وقادتها، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم، وقد رغبنا في الاتصال بحبلكم وشرفكم، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله)...
كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال: (اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد)... وشهـد على ذلك صناديد قريش...


الذرية الصالحة

تزوج النبي -صلى الله عليه وسلم- السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة، وولدت السيدة خديجة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ولده كلهم إلا إبراهيم، القاسم -وبه كان يكنى-، والطاهر والطيب -لقبان لعبد الله -، وزينب، ورقيـة، وأم كلثـوم، وفاطمـة عليهم السلام... فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه -صلى الله عليه وسلم-...

إسلام خديجة

وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- فآمنت به خديجة، وصدقت بما جاءه من الله، ووازرته على أمره، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله، وصدق بما جاء منه، فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له، فيحزنه ذلك، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها، تثبته وتخفف عليه وتصدقه، وتهون عليه أمر الناس، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت-، لا صخب فيه ولا نصب)...

فضل خديجة

جاء جبريل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إن الله يقرأ على خديجة السلام)... فقالت: (إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام، وعليك السلام ورحمة الله)...
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خيرُ نسائها مريم، وخير نسائها خديجة)...

عام المقاطعة

ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة الى شعابها، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها... وعلى الرغم من تقدمها بالسن، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى...

عام الحزن

وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة -رضي الله عنها-، التي كانت للرسول -صلى الله عليه وسلم- وزير صدق على الإسلام، يشكـو إليها، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أبو طالب، لهذا كان الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- يسمي هذا العام بعام الحزن...

الوفاء

قد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها، فتقول السيدة عائشة: (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: (هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها)... فغضب ثم قال: (لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء)... قالت عائشة: (فقلتْ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالأحد أبريل 08, 2007 6:25 am

أم حبيبة بنت أبى سفيان
أم المؤمنين
هي رملـة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وُلِدَت قبل البعثة بسبعـة عشر عاماً ، أسلمت قديماً وهاجرت الى الحبشة مع عبيد الله بن جحش ، تُكنّى أم حبيبة ، تزوّجها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي في الحبشة ، وقدمت عليه سنة سبع...

الهجرة والمحنة

لمّا اشتد الأذى من المشركين على الصحابة في مكة، وأذن الرسول -صلى الله عليه وسلم- للمستضعفين بالهجرة بدينهم الى الحبشة، هاجرت أم حبيبة مع زوجها عُبيد الله بن جحش معَ من هاجر من الصحابة إلى الحبشة، لقد تحمّلت أم حبيبة أذى قومها، وهجر أهلها، والغربة عن وطنها وديارها من أجل دينها وإسلامها...
وبعد أن استقرت في الحبشة جاءتها محنة أشد وأقوى، فقد ارتـد زوجها عن الإسـلام وتنصّر، تقول أم حبيبـة -رضي الله عنها-: (رأيت في المنام كأن زوجي عُبيد الله بن جحش بأسود صورة ففزعت، فأصبحت فإذا به قد تنصّر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به، وأكبّ على الخمر حتى مات...

الزواج المبارك

فأتاني آت في نومي فقال: (يا أم المؤمنين)... ففزعت، فما هو إلا أن انقضتْ عدّتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن، فإذا هي جارية يُقال لها أبرهة، فقالت: (إن الملك يقولُ لك: وكّلي مَنْ يُزوِّجك)... فأرسلت إلى خالـد بن سعيـد بن العـاص بن أمية فوكّلته، فأعطيتُ أبرهة سِوارين من فضّة...
فلمّا كان العشيّ أمرَ النجاشي جعفـر بن أبي طالـب ومَنْ هناك من المسلميـن فحضروا، فخطب النجاشي فحمد اللـه تعالى وأثنى عليه وتشهـد ثم قال: (أما بعد، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كتب إليّ أن أزوّجه أم حبيبة، فأجبت وقد أصدقتُها عنه أربعمائة دينار)... ثم سكب الدنانير.
ثم خطب خالـد بن سعيـد فقال: (قد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وزوّجته أم حبيبة)... وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعاماً فأكلوا...
تقول أم حبيبة -رضي الله عنها-: (فلمّا وصل إليّ المال، أعطيتُ أبرهة منه خمسين ديناراً، فردتّها عليّ وقالت: (إن الملك عزم عليّ بذلك)... وردّت عليّ ما كنتُ أعطيتُها أوّلاً... ثم جاءتني من الغَد بعودٍ ووَرْسٍ وعنبر، وزبادٍ كثير -أي طيب كثير-، فقدمتُ به معي على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
ولمّا بلغ أبا سفيان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نكح ابنته قال: (هو الفحلُ لا يُجْدَعُ أنفُهُ)... أي إنه الكُفء الكريم الذي لا يُعاب ولا يُردّ...

عودة المهاجرة

لقد كانت عـودة المهاجـرة (أم حبيبة) عقب فتح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- خيبر، عادت مع جعفر بن أبي طالب ومن معه من المهاجرين الى الحبشة، وقد سُرَّ الرسـول -صلى الله عليه وسلـم- أيّما سرور لمجـيء هؤلاء الصحابـة بعد غياب طويل، ومعهم الزوجة الصابرة الطاهرة... وقد قال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-: (والله ما أدري بأيّهما أفرحُ؟ بفتح خيبر؟ أم بقدوم جعفر)...


الزفاف المبارك

وما أن وصلت أم حبيبة -رضي الله عنها- الى المدينة، حتى استقبلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالسرور والبهجة، وأنزلها إحدى حجراته بجوار زوجاته الأخريات، واحتفلت نساء المدينة بدخول أم حبيبة بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن يحملن لها إليها التحيات والتبريكات، وقد أولم خالها عثمان بن عفان وليمة حافلة، نحر فيها الذبائح وأطعم الناس اللحم...
واستقبلت أمهات المؤمنين هذه الشريكة الكريمة بالإكرام والترحاب، ومن بينهن العروس الجديدة (صفية) التي لم يمض على عرسها سوى أيام معدودات، وقد أبدت السيدة عائشة استعدادا لقبول الزوجة الجديدة التي لم تُثر فيها حفيظة الغيرة حين رأتها وقد قاربت سن الأربعين، وعاشت أم حبيبة بجوار صواحبها الضرائر مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بكل أمان وسعادة...

أبو سفيان في بيت أم حبيبة

لقد حضر أبو سفيان (والد أم حبيبة) المدينة يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يمد في أجل الهدنة التي تمّ المصالحة عليها في الحديبية، فيأبى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا الطلب، فأراد أبو سفيان أن يستعين على تحقيق مراده بابنته (زوجة الرسول -صلى الله عليه وسلم-) فدخل دار أم حبيبة، وفوجئت به يدخل بيتها، ولم تكن قد رأته منذ هاجرت الى الحبشة، فلاقته بالحيرة لا تدري أتردُّه لكونه مشركاً؟ أم تستقبله لكونه أباهـا؟...
وأدرك أبو سفيان ما تعانيـه ابنته، فأعفاها من أن تأذن له بالجلـوس، وتقدّم من تلقاء نفسه ليجلس على فراش الرسـول -صلى الله عليه وسلم-، فما راعه إلا وابنته تجذب الفراش لئلا يجلس عليه، فسألها بدهشة فقال: (يا بُنيّة ! أرغبتِ بهذا الفراش عني؟ أم بي عنه؟)... فقالت أم حبيبة: (بلْ هو فراشُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنت امرءٌ نجسٌ مشركٌ)... فقال: (يا بُنيّة، لقد أصابك بعدي شرٌّ)... ويخرج من بيتها خائب الرجاء...

إسلام أبو سفيان

وبعد فتح مكة أسلم أبو سفيان، وأكرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن)... ووصل هذا الحدث المبارك الى أم المؤمنين (أم حبيبة) ففرحت بذلك فرحاً شديداً، وشكرت الله تعالى أن حقَّق لها أمنيتها ورجاءَها في إسلام أبيها وقومها...

وفاتها

وقبل وفاتها -رضي الله عنها- أرسلت في طلب السيدة عائشة وقالت: (قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحلَّليني من ذلك)... فحلّلتها واستغفرت لها، فقالت: (سررتني سرّك الله)... وأرسلت بمثل ذلك إلى باقي الضرائر... وتوفيت أم حبيبة -رضي الله عنها- سنة أربع وأربعين من الهجرة، ودفنت بالبقيع...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2007 9:15 am

أم سلمة هند بنت أبي أمية
أم المؤمنين

أم سلمه هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظـة بن مرّة المخزومية، بنت عم خالد بن الوليد وبنت عم أبي جهل عدو الله أبـوها يلقب بـ(زاد الراكب) فكل من يسافر معه يكفيـه المؤن ويغنيه.
ولِدت في مكة قبل البعثة بنحو سبعة عشر سنة، وكانت من أجمل النسـاء وأشرفهن نسبا، وكانت قريباً من خمس وثلاثين سنة عندما تزوّجها النبي الكريم سنة أربع للهجرة وكانت قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أخيـه من الرضاعة أبي سلمه بن عبد الأسد المخزومي الرجل الصالح..

الهجرة الى الحبشة

أم سلمه -رضي الله عنها- امرأة ذات شرف في أهلها، وهي ابنة أحد أجود رجال العرب، جادت بنفسها في سبيل إيمانها، فكان أول من خرج من المسلمين إلى الحبشة من بني مخزوم أبو سلمه بن عبد الأسد، معه امرأته أم سلمه بنت أبي أمية، وولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمه... وتعود أم سلمه مع زوجها إلى مكة مستخفية عن أنظار الظالمين، وتصبر في سبيل الله وتوحيده، حتى آذن الله لهم بالهجرة إلى المدينة المنورة...

الهجرة الى المدينة

تروي أم سلمه -رضي الله عنها- قصة هجرتها الى المدينة فتقول: (لما أجمع أبو سلمه الخروج إلى المدينة رحّل بعيراً له، وحملني وحمل معي ابني سلمه، ثم خرج يقود بعيره، فلما رآه رجال بني المغيرة قاموا إليه فقالوا: (هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه، على مَنتركك تسير بها في البلاد؟)... ونزعوا خطام البعير من يده، وأخذوني، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، وأهووا إلى سلمه وقالوا: (والله لا نترك ابننا عندها، إذا نزعتموها من صاحبنا)...
فتجاذبوا ابني سلمه حتى خلعوا يده، وانطلق به بنو عبد الأسد، ورهط أبي سلمه، وحبسني بنو المغيرة عندهم، وانطلق زوجي أبو سلمه حتى لحق بالمدينة، ففرق بيني وبين زوجي وابني...
فكنت أخرج كلّ غداة، وأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً أو قريبها، حتى مرّ بي رجل من بني عمي فرأى ما في وجهي، فقال لبني المغيرة: (ألا تخرجون من هذه المسكينة فرَّقتم بينها وبين زوجها وبين ابنها؟)... فقالوا: (الحقي بزوجك إن شئت)... وردّ علي بنو عبد الأسد عند ذلك ابني...
فرحلت بعيري، ووضعت ابني في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة، وما معي من أحد من خلق الله، فكنت أبلغ من لقيت، حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة أخا بني عبد الدار، فقال: (أين يا بنت أبي أمية؟)... قلت: (أريد زوجي بالمدينة)... فقال: (هل معك أحد؟)... فقلت: (لا والله إلا الله، وابني هذا؟)... فقال: (والله ما لك من منزل)...
فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يقودني، فوالله ما صحبت رجلاً من العرب أراه أكرم منه، وإذا نزل المنزل أناخ بي ثم تنحى الى الشجرة، فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه ورحله ثم استأخر عني وقال: (اركبي)... فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه، فقادني حتى نزلت، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة، فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء، قال: (إن زوجك في هذه القرية)...
وكان أبو سلمه نازلاً بها، فيستقبل أبو سلمه أم سلمه وابنه معها، بكل بهجة وسرور، وتلتقي الأسرة المهاجرة بعد تفرّق وتشتّت وأهوال...


وفاة أبو سلمة

ويشهد أبو سلمه غزوة أحد، ويصاب بسهم في عضده، ومع أنه ظنّ أنه التأم، عاد وانفض جرحه فأخلد إلى فراشه، تمرضه أم سلمه إلى أن حضره الأجل وتوفاه الله... وقد قال عند وفاته: (اللهم اخلفني في أهلي بخير)... فأخلفه الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- على زوجته أم سلمه بعد انقضاء عدّتها حيث خطبها وتزوجها، فصارت أماً للمؤمنين، وصار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ربيب بنيه (عمر وسلمه وزينب)...

البيت النبوي

كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- عند أم سلمه، فدخل عليها الحسن والحسين -رضي الله عنهما-، ثم أدخلهما تحت ثوبه، ثم جأر إلى الله عزّ وجل ثم قال: (هؤلاء أهل بيتـي)... فقالت أم سلمه -رضي الله عنها-: (يا رسـول الله، أدخلني معهم !)... فقال -صلى اللـه عليه وسلم-: (أنتِ من أهلي)... وبهذا أدخل على نفسها الطمأنينة...
وكان -صلى اللـه عليه وسلـم- يهتم بأبنائهـا كأنهم أبنائه فربيبتـه زينـب بنت أبي سلمه أصبحـت من أفقه نساء أهل زمانها... وبلغ من إعزازه -صلى الله عليه وسلم- لربيبـه سلمه بن أبي سلمه أن زوجـه بنت عمه الشهيد حمـزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-...

المشاركة في الغزوات

لقد صحبت أم المؤمنين أم سلمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوات كثيرة، فكانت معه في غزوة خيبر وفي فتح مكة وفي حصاره للطائف، وفي غزو هوازن وثقيف، ثم صحبتْهُ في حجة الوداع...
ففي السنة السادسة للهجرة صحبت أم سلمه -رضي الله عنها- النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الحديبية، وكان لها مشورة لرسول الله أنجت بها أصحابه من غضب اللـه ورسولـه، وذلك حين أعرضوا عن امتثال أمره، فعندما فرغ الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- من قضية الصلـح قال لأصحابه: (قوموا فانحروا ثم احلقوا)... فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات.
فلمّا لم يقم منهم أحد دخل الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أم سلمه فذكر لها ما لقي من عدم استجابة الناس، وما في هذا من غضب لله ولرسوله، ومن تشفي قريش بهم، فألهم الله أم سلمه -رضي الله عنها- لتنقذ الموقف فقالت: (يا نبي الله، أتُحبُّ ذلك؟) -أي يطيعك الصحابة- فأومأ لها بنعم، فقالت: (اخرج ثم لا تكلّمْ أحداً منهم كلمةً حتى تنحر بُدْنَكَ وتدعو حالِقكَ فيحلقُكَ)...
فخرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يُكلّم أحداً، ونحر بُدْنَهُ، ودعا حالِقَهُ فحلقه، فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غمّاً، وبذلك نجا الصحابة من خطر مخالفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...

أم سلمة وعائشة

لقد كان لأم سلمه -رضي الله عنها- مشورة ثانية لأم المؤمنين عائشة، وذلك حين عزمت الخروج لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فكتبت لها في عُنف وإنكار شديد فقالت: (إنك سُدّةٌ بين رسول الله وأمته، وحجابك مضروبٌ على حرمته، قد جمع القرآن الكريم ذيلكِ، فلا تندحيه، وسكّن الله عقيرتك فلا تصحريها -أي صوتك لا ترفعيه- الله من وراء هذه الأمة، ما كنت قائلةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات؟... ولو أتيتُ الذي تُريدين، ثم قيل لي ادخلي الجنة لاستحييتُ أن ألقى الله هاتكةً حجاباً قد ضربَهُ عليَّ)... وذكرت كلاماً تحرضها فيه على عدم الخروج...
فكتبت لها السيدة عائشة -رضي الله عنها- تقول: (ما أقبلني لوعظك، وما أعلمني بنصحك، وليس مسيري على ما تظنين، ولنِعْمَ المطلعُ مطلعٌ فزعتْ فيه إلى فئتان متناجزتان)...

وفاتها

كانت أم سلمه -رضي الله عنها- أخر من مات من أمهات المؤمنين، فتوفيت سنة إحدى وستين من الهجرة وعاشت نحواً من تسعين سنة...



عدل سابقا من قبل في الثلاثاء أبريل 10, 2007 9:27 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2007 9:19 am

جويرية بنت الحارث
أم المؤمنين

جُوَيْرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية كان اسمهـا (برَّة) فسمّاها الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- (جويرية).
ولدت فبل البعثـة بنحو ثلاثة أعوام تقريباً، وتزوجها الرسول الكريم وهي ابنة عشرين سنة، وكان أبوها الحارث سيّداً مطاعاً، قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلم...

الأسر

وفي السنة السادسة للهجرة، وبعد غزوة بني المصطلق أصاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبياً كثيراً قسّمه بين المسلمين، وكان ممن أصاب يومها من السبايا جويرية بنت الحارث، فلما قسّم السبايا وقعت جويرية في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها، وكانت امرأة حلوة مُلاّحة، ولا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تستعينه في كتابتها، وقالت له: (يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على كتابتي)...
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (فهل لك في خير من ذلك؟)... قالت: (وما هو يا رسول الله؟)... قال: (أقضي عنك كتابتك وأتزوجك)... قالت: (نعم يا رسول الله)... قال: (لقد فعلت)...

العتق

وخرج الخبر الى الناس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد تزوّج جويرية، فقال الناس: (أصهار رسول الله)... وأرسلوا ما بأيديهم، قالت السيدة عائشة: (فلقد أعتق بتزويجه إياها مئة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها)...

والدها الحارث

أقبل الحارث (والد جويرية) إلى المدينة بفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيّبهما في شِعْبٍ من شعاب العقيق، ثم أتى الى الرسـول -صلى اللـه عليه وسلـم- وقال: (يا محمـد أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها)...
فقال رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فأين البعيران اللذان غَيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا؟)... فقال الحارث: (أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ! فوالله ما اطّلع على ذلك إلا الله)... فأسلم الحارث ومعه ابنان له، وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما...

بيت النبوة
ولقد عاشت أم المؤمنين (جويرية) في بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كزوجة كريمة مُعزّزة، فكانت خير مثل يُحتذى في رعايتها لبيتها وزوجها وحسن عشرتها معه -صلى الله عليه وسلم-...
ولقد كانت كثيرة الاجتهاد بالعبادة لله تعالى، والإكثار من ذكره المبارك، والصوم وفعل الخيرات... وكان يحرص الرسول -صلى الله عليه وسلم- على تعليمهـا أمور دينها فقد دخل عليها في يـوم جمعـة وهي صائمـة فقال لها: (أصَمْتِ أمس؟)... قالت: (لا)... قال: (أتريديـن أن تصومي غداً؟)... أي السبت مع الجمعة... قالت: (لا)... قال: (فأفطري)... لكراهة ذلك...
وفي أحـد الأيام خرج الرسـول -صلى الله عليه وسلم- من عندها بُكْرَةً حين صلّى الصبـح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: (مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟)... قالت: (نعم)... قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لقد قُلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مراتً، لو وزِنَت بما قلتِ منذ اليوم لوَزَنتهنّ: سبحان الله وبحمده عدَدَ خَلْقِه ورضا نفسه، وزِنة عرشه، ومِداد كلماته)...

وفاتها

توفيت -رضي الله عنها- بالمدينة بعد منتصف القرن الأول من الهجرة سنة ستٍ وخمسين على الأرجح، وصلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة آنذاك، وقد بلغت سبعين سنة... فرحمها الله...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2007 9:32 am

حفصة بنت عمر
أم المؤمنين
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما-، ولدت قبل المبعث بخمسة أعـوام، وتزوّجها النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- سنة ثلاث من الهجرة، بعد أن توفي زوجها المهاجر (خنيـس بن حذافـة السهمـي) الذي توفي من آثار جراحة أصابته يوم أحـد، وكان من السابقين الى الإسـلام هاجر الى الحبشـة وعاد الى المدينة وشهد بدراً وأحداً... فترمَّلت ولها عشرون سنة...

الزواج المبارك

تألم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لابنته الشابة كثيراً، ولألمها وعزلتها، وبعد انقضاء عدّتها أخذ يفكر لها بزوج جديد، ولمّا مرت الأيام ولم يخطبها أحد قام بعرضها على أبي بكر -رضي الله عنه- فلم يُجِبّه بشيء، وعرضها على عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فقال: (بدا لي اليوم ألا أتزوج)... فوَجَد عليهما وانكسر، وشكا حاله إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال له: (يتزوّج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوّج عثمان من هو خير من حفصة)...
ومع أن عمر -رضي الله عنه- من الهمّ لم يفهم معنى كلام الرسـول الكريـم، إلا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطبها، ونال عمر شرف مصاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوَّج النبي عثمان بابنته (أم كلثوم) بعد وفاة أختها (زينب)، وبعد أن تمّ الزواج لقي أبو بكر عمر -رضي الله عنهما- فاعتذر له وقال: (لا تجـدْ عليّ، فإن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سِرّه، ولو تركها لتزوّجتها)...

بيت الزوجية

ودخلت حفصة بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام، بعد سودة وعائشة، أما سودة فرحّبت بها راضية، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجئ، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-... ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات، فلم يسعها إلا أن تصافيها الودّ، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة، فقال لها: (يا حفصة، أين أنت من عائشة، وأين أبوكِ من أبيها؟)...

الجرأة الأدبية
سمع عمر -رضي الله عنه- يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكلام، فمضى إليها غاضباً، وزجرها قائلاً: (تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- إياها، والله لقد علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لولا أنا لطلّقك)...
ولكن على الرغم من تحذير أبيها لها، كانت تتمتع حفصة بجرأة أدبية كبيرة، فقد كانت كاتبة ذات فصاحة وبلاغة، ولعل هذا ما يجعلها تبدي رأيها ولو بين يدي الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-، فقد رويَ أن الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- قد ذكر عند حفصة أصحابه الذين بايعوه تحت الشجرة فقال: (لا يدخل النار إن شاء الله أصحاب الشجـرة الذين بايعوا تحتها)... فقالت حفصـة: (بلى يا رسـول الله)... فانتهـرها، فقالت حفصـة الآية الكريمة...
قال تعالى: {وإنْ منكم إلا واردُها كان على ربِّك حتماً مقضياً}...
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-... قال الله تعالى: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذرُ الظالمين فيها جثِيّاً}...

الطـلاق

طلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- حفصة طلقةً رجعية، وذلك لإفشائها سِرّاً استكتمها إيّاه، فلم تكتمه، وقصة ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلا يوماً بمارية -رضي الله عنها- في بيت حفصة، فلمّا انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (لقد رأيت من كان عندك، يا نبي الله لقد جئت إليّ شيئاً ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي، وفي دوري وفي فراشي)... ثم استعبرت باكية.
فأخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- باسترضائها فقال: (ألا ترضين أن أحرّمها فلا أقربها؟)... قالت: (بلى)... فحرّمها وقال لها: (لا تذكري ذلك لأحدٍ)... ورضيت حفصة بذلك، وسعدت ليلتها بقرب النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أصبحت الغداةَ، لم تستطع على كتمان سرّها، فنبّأت به عائشة، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء النبي عامة ...
قال الله تعالى: {وإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه حَديثاً، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ الخَبيرُ}... سورة التحريم آية (3)...
فبلغ ذلك عمر فحثا التراب على رأسه وقال: (ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها)... فنزل جبريل -عليه السلام- من الغَدِ على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (إن الله يأمرك أن تُراجِعَ حفصة رحمة بعمر)... وفي رواية أن جبريل قال: (أرْجِع حفصة، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة)...

اعتزال النبي لنسائه

اعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً، وشاع الخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد طلّق نساءه، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فلم يؤذن له، فذهب مسرعاً الى بيت حفصة، فوجدها تبكي فقال: (لعلّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قد طلّقك؟ إنه كان قد طلّقك مرةً، ثم راجعك من أجلي، فإن كان طلّقك مرّة أخرى لا أكلمك أبداً)...
ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأذِنَ له، فدخل عمر والنبي -صلى الله عليه وسلم- متكئ على حصير قد أثر في جنبه، فقال عمر: (أطلقت يا رسول الله نساءك؟)... فرفع -صلى الله عليه وسلم- رأسه وقال: (لا)... فقال عمر: (الله أكبر)... ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي -صلى الله عليه وسلم- ما لاقى من نسائـه.
فقال عمر: (الله أكبر! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم، فغضبتُ على امرأتي يوماً، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: (ما تُنْكِر أن راجعتك؟ فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعْنَهُ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل)... فقلت: (قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذاً هي قد هلكت؟)... فتبسّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...
فقال عمر: (يا رسول الله، قد دخلت على حفصة فقلت: (لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منك)... فتبسّم الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثانية، فاستأذن عمر -رضي الله عنه- بالجلوس فأذن له...
وكان -صلى الله عليه وسلم- أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي -صلى الله عليه وسلم-... والآية التي تليها في أمهات المؤمنين...
قال تعالى: {إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ ** عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مؤمناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً}... سورة التحريم آية (4 - 5)...
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ ...
قال تعالى: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير}...

وارِثة المصحف

لقد عكِفَت أم المؤمنين حفصة على تلاوة المصحف وتدبُّره والتأمـل فيه، مما أثار انتباه أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- مما جعله يُوصي الى ابنته (حفصة) بالمصحف الشريف الذي كُتِبَ في عهد أبي بكر الصدّيق بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكتابته كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته -صلى الله عليه وسلم-...
ولمّا أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمامٍ ينسخون منه مصاحفهم، أرسل أمير المؤمنين عثمان الى أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها-: (أن أرسلي إلينا بالصُّحُفِ ننسخها في المصاحف)... فحفظت أم المؤمنين الوديعة الغالية بكل أمانة، وصانتها ورعتها...

وفاتها

وبقيت حفصة عاكفة على العبادة، صوّامة قوّامة إلى أن توفيت أول ما بويع معاوية سنة إحدى وأربعين، وشيّعها أهل المدينة إلى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين - رضي الله عنهن-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
اميرالبحر
مشرف منتدى السيرة والتاريخ الإسلامى
اميرالبحر


عدد الرسائل : 247
تاريخ التسجيل : 03/02/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالثلاثاء أبريل 10, 2007 9:36 am

زينب بنت جحش


أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صيرة بن مرّة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة، أم المؤمنين وأمُّها أميمة بنت عبد المطلب عمّـة رسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولدت بمكة قبل البعثة بسبع عشرة سنة وكانت من المهاجرات الأول، أسلمت قديماً...

زواجها من زيد

كان زيد بن حارثة مولى للسيدة خديجة -رضي الله عنها-، فلمّا تزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم-وهَبَته له، وتبناه الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأصبح زيد بن محمد، وبعد الإسلام نزل قوله تعالى: (وادعوهم لآبائهم)... فعاد من جديد زيد بن حارثة...
وأما قصة زواجه من السيـدة زينـب تعود إلى أن زينب قد خطبها عدّة من قريش فأرسلت أختـها (حمنة) إلى رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- تستشيره، فقال الرسـول -صلى الله عليه وسلم-: (أين هي ممن يُعلّمها كتاب ربّها وسنّة نبيها؟)... قالت حمنة: (ومن هو يا رسـول الله؟)... قال: (زيد بن حارثة)... فغضبت (حمنة) غضباً شديداً وقالت: (يا رسول الله ! أتزوج ابنة عمّتك مولاك؟!)... وعادت إلى زينب فأخبرتها، فغضبت زينب وقالت أشد من قول أختها فأنزل الله تعالى...
قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أنْ يكون لهم الخِيرة من أمرهم}...
فأرسلت زينـب إلى الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وقالت: (إني استغفر الله وأطيع الله ورسولـه، افعل يا رسول الله ما رأيت)... فزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- زيداً، فكانت أزراً عليه، وشكاها زيد إلى الرسول الكريم، فعاتبها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال لزيد: (أمسِكْ عليك زوجك واتّق الله)... فقال زيد: (أنا أطلقها)... وطلقها زيد -رضي الله عنه-...

تزويج من السماء

وبينما الرسول -صلى اللـه عليه وسلم- عند السيدة عائشة، إذ أخذتـه غشيـةٌ فسُرِّي عنه وهو يبتسم و يقـول: (من يذهب إلى زينـب يُبشِّرُها؟)... وتـلا...
قال تعالى: {وإذْ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمتَ عليه أمسكْ عليك زوجكَ واتقِ اللهَ وتُخْفي في نفسكَ ما اللهُ مُبْدِيه وتَخْشى الناس والله أحقُّ أن تخْشَاهُ، فلمّا قضى زَيْدٌ منها وَطَراً زَوَّجْنَاكها لكي لا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أدْعيائهم إذا قضوا منهنّ وَطَراً، وكان أمْرُ اللهِ مَفْعولاً}...
فعندما انقضت عِدّة زينب -رضي الله عنها- قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لزيْد بن حارثة: (اذهب فاذْكرها عليّ)... فانطلق حتى أتاها وهي تخمّرُ عجينها، قال: (فلمّا رأيتها عظمَتْ في صدري حتى ما أستطيع أن أنظـر إليها، وأقول إن رسـول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكرها فولّيتُها ظهري، ونكصت على عقبي وقُلتُ: (يا زينب أبشري أرسلني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يذكرك؟)... قالت: (ما أنا بصانعةٍ شيئاً حتى أؤامِرَ ربيّ عز وجل)... فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل عليها...
تقول السيدة زينب: (لمّا انقضتْ عِدّتي لم أعلم إلا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد دخل عليّ بيتي، وأنا مكشوفة الشعر، فعلمت أنه أُمِرَ من السماء، فقلت: (يا رسول الله: بلا خطبة ولا إشهاد؟!)... قال -صلى الله عليه وسلم-: (الله زوّجَ وجبريل الشاهد)... وتزوّج الرسول -صلى الله عليه وسلم- امرأة زيد بعده، وانتفى ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من أن الذي يتبنى غيره يصير ابنه...
وكانت وليمة العرس حافلة مشهودة، ذبح النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- شاة، وأمر (أنس بن مالك) أن يدعوَ الناس إلى الوليمـة، فترافدوا أفواجاً أفواجاً، يأكل كل فوج ويخرج، ثم يدخل فوجٌ آخر، حتى أكلوا كلُّهم...

الفخر

لقد كانت السيدة زينب تفتخر بزواجها من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتقول: (يا رسول الله إني والله ما أنا كإحدى نسائِكَ، ليست امرأة من نسائِك إلا زوّجها أبوها أو أخوها أو أهلها، غيري زوّجِنيك الله من السماء)... وقد كانت -رضي الله عنها- تفتخر على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- فتقول: (زوّجكُنّ أهاليكنّ، وزوّجني الله تعالى من فوق سبع سموات)... فلمّا سمعتها السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنا التي نزل عذري من السماء)... فاعترفت لها زينب -رضي الله عنها-...

السخاء والجود

لقد سميت السيد زينب بأم المؤمنين ومفزع اليتامى وملجأ الأرامل، وقد اكتسبت تلك المكانة بكثرة سخائها وعظيم جودها، وقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لنسائه: (أسْرعكُنّ لحاقاً بي أطوَلَكُنّ يداً)... تقول السيدة عائشة: (كنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمدُّ أيدينا في الجدار نتطاول، فلم نَزَل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، ولم تكن بأطولنا، فعرفنا حينئذٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أراد طولَ اليدِ بالصدقة، وكانت زينب امرأةً صناعَ اليد، فكانت تَدْبَغُ وتخرزُ وتتصدق به في سبيل الله تعالى)...
وبعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان عطاؤها اثني عشر ألفاً، لم تأخذه إلا عاماً واحداً، فجعلت تقول: (اللهم لا يدركني هذا المالُ من قابل، فإنه فتنة)... ثم قسّمته في أهل رَحِمِها وفي أهل الحاجة، فبلغ عمر فقال: (هذه امرأة يُرادُ بها خيراً)... فوقف عليها وأرسل بالسلام، وقال: (بلغني ما فرّقت، فأرسل بألف درهم تستبقيها)... فسلكت به ذلك المسلك...

وفاتها

توفيـت السيـدة زينـب سنـة عشريـن من الهجـرة وهي بنـت خمسيـن، وصلّى عليهـا عمـر بـن الخطـاب أميـر المؤمنيـن، ودُفنـت في البقيـع -رضـي اللـه عنها-...
قالت السيدة عائشة: (رحِمَ الله زينب، لقد نالت في الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف، إن الله زوّجها، ونطق به القرآن، وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لنا: (وأسْرَعَكُنّ بي لُحوقاً أطولكُنَّ باعاً)... فبشَّرها بسرعة لحوقها به، وهي زوجته في الجنة)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو الزهراء
المدير العام
أبو الزهراء


عدد الرسائل : 560
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 29/01/2007

أمهات المؤمنين .....جزء1 Empty
مُساهمةموضوع: رد: أمهات المؤمنين .....جزء1   أمهات المؤمنين .....جزء1 Emptyالخميس أبريل 12, 2007 6:35 am

بارك الله فيكم . في ميزان حسناتكم إن شاء الله .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أمهات المؤمنين .....جزء1
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أمهات المؤمنين .....جزء2
» معجزات محمد صلى الله عليه و سلم....جزء1
» أسباب نزول القران الكريم....جزء1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدعوة إلى الله :: المنتدي العام :: منتدي السيرة والتاريخ الاسلامي-
انتقل الى: