- ما أخرجه أبو داود والحاكم والبيهقي عن ابن عباس ( رضي الله عنهما ) قال :
" إن بن عمر والله يغفر له أوهم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من أمر أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش يشرحون النساء شرحا منكرا ويتلذذون منهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شري أمرهما فبلغ ذلك رسول الله r فأنزل الله { نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم } أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات يعني بذلك موضع الولد ".
2) ومما يجوز له جماع المرأة المُرضع ( أو التي ترضع وهي حامل )
وهذا ما يعرف بالغِيلة أي وطء المرضع أي جماع المرأة وهي ترضع وقال بعض أهل العلم هي أن ترضع المرأة وهي حامل .
- ومما يدل على جواز ذلك ما أخرجه مسلم عن جدامة بنت وهب الأسدية :
" أنها سمعت رسول الله r يقول لقد هممت أن انهي عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم ".
- وأخرج الإمام مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص t قال :
" أن رجلا جاء إلى رسول الله r فقال : إني أعزل عن امرأتي
فقال له رسول الله r : لم تفعل ذلك فقال الرجل أشفق على ولدها أو على أولادها
فقال رسول الله r : لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم وقال زهير في روايته إن كان لذلك فلا ما ضار ذلك فارس ولا الروم ".
4- ومما يجوز له العزل والأولى تركه ( فالعزل جائز مع الكراهة )
ما هو العزل : العزل هو أن يجامع الرجلُ أهله فإذا قارب الإنزال نزع وأنزل المني خارج الفرج .
1- والذي يدل على جوازه ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله قال :
" كنا نعزل على عهد رسول الله r فبلغ ذلك نبيُ الله r فلم ينهينا ".
ووجه الاستدلال : أن العزل لو كان حراماً لنهانا عنه رسول الله r .
2- وما أخرجه النسائي في عشرة النساء وكذا أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال :
" جاء رجل إلى رسول الله r فقال : إن لي وليدة ( جارية ) وأنا أعزل عنها وأنا أريد ما يريد الرجل وإن اليهود زعموا أن الموءودة الصغرى العزل
فقال رسول الله r : كذبت يهود ( كذبت يهود ) لو أراد الله أن يخلقه لم تستطع أن تصرفه ".
3- ما أخرجه مسلم من حديث جابر t :
" أن رجلاً أتى رسول الله r فقال : إن لي جارية هي خادمنا وسانيتنا (1) وأنا أطوف عليها (2) وأنا أكره أن تحمل ، فقال : أعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها فلبث الرجل ثم أتاه
فقال : إن الجارية قد حبلت
فقال r : قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها ".
وأما القول بالكراهة وأن الأولى تركه فذلك لأمور :
الأول : أن فيه ضرر على المرأة لما فيه من تفويت لذتها ( كما ذكر الحافظ ) فإن وافقت عليه فالأولى أيضاً تركه وذلك لأمر آخر هو ...
الثاني : أنه يُفوت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير نسل أمة نبينا r وذلك لقوله r :
" تزوجوا الودود الولود فإني مُكاثر بكم الأمم(3) "
ولذلك وصفه الرسول r بالوأد الخفى حين سألوه عن العزل فقال كما في صحيح مسلم من حديث جذامة بنت وهب أخت عكاشة:
" أن الصحابة سألوا رسول الله عن العزل فقال : ذلك الوأد الخفي ".
ولهذا أشار r إلى أن الأولى تركه
- فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال :
" ذُكر العزل عند رسول الله r فقال : ولِمَ يفعل ذلك أحدكم ؟! - ولم يقل : فلا يفعل ذلك أحدكم – فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها
- وفي رواية :
فقال : وإنكم لتفعلون ، وإنكم لتفعلون ، وإنكم لتفعلون ؟ ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة ".
§ قال الحافظ في ( الفتح )
أشار إلى أنه لم يصرح لهم بالنهي وإنما أشار إلى الأولى ترك ذلك لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك لأن الله إن كان قد خلق الولد لم يمنع العزل ذلك فقد يسبق الماء ولا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد ولا رادَّ لما قضى الله .
§ قال الألباني ( رحمه الله )
إذا كان وسائل منع الحمل ( كربط المواسير ) التي تقوم مقام العزل للخوف من الفقر لكثرة الأولاد وتكلف الإنفاق عليهم وتربيتهم ففي هذه الحالة ترتفع الكراهية إلى درجة التحريم لتشبه بأهل الكفر فقد كانوا يقتلون أولادهم خشية الإملاق والفقر كما هو معروف
بخلاف ما إذا كانت المرأة مريضة يزداد مرضها بالحمل فيجوز وسائل منع الحمل وإذا كان المرض خطيراً تفقد حياتها بسبب الحمل فالوسائل واجبة .
- الجمع بين تكذيب النبي لليهود لما قالوا أن الموؤدة الصغرى العزل وبين قول النبي r ذلك الوأد الخفي .
§ فقد جمع بينهما الحافظ ابن حجر ( 9 / 254 )
أن قول اليهود في العزل أنه الموءودة الصغرى يقتضي أنه وأد ظاهر ، لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حياً فلا يعارض" قوله : إن العزل وأد خفي "
فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلاً فلا يترتب عليه حكم وإنما جعله وأداً من جهة اشتراكهما في قطع الولادة .
قال بعضهم : قوله " الوأد الخفي " ورد على طريق التشبيه لأنه قطع طريق الولادة قبل مجيئه فأشبه قتل الولد بعد مجيئه .
____________________________________________________________
(1) أي التي تسقي لنا النخل ، كأنها كانت تسقي لهم عوض البعير .
(2) أجامعها .
(3) مُكاثر بكم الأمم : أغالب بكم الأمم السابقة في الكثرة وهو تعليل للأمر بتزوج الولود الودود وإنما أتى بقيدين لأن الودود إذا لم تكن ولوداً لا يرغب الرجل فيها والولود غير الودود لا تحصل المقصود ... ( فيض القدير ) .